وهذا الرجل أصلحه الله ظلمنا وظلم ناشئتنا و (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم) وأشاع فينا مفسدات الدين وحالقات الفضائل والأخلاق عبر قنواته التي لا يتورع هو عن دعمها بالإشراف عليها وبث فكره الرَّث على أثيرها, وهذا الصنيعُ منه مجاهرةٌ بالفسق والفساد والإفساد والإذلال والإضلال.
قال القرطبي رحمه الله عند قول الله تعالى (ولا يغتب بعضكم بعضاً) ما نصه - (وفي آثاره ما لا يصح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - لكنّ العبرة بجملته -:
ليس من هذا الباب غيبة الفاسق المعلن به المجاهر فإن في الخبر: [من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له] و [قال صلى الله عليه وسلم: اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس]
فالغيبة إذا في المرء الذي يستر نفسه.!
وروي عن الحسن أنه قال: ثلاثة ليست لهم حرمة: صاحب الهوى والفاسق المعلن والإمام الجائز وقال الحسن لما مات الحجاج: اللهم أنت أمته فاقطع عنا سنته وفي رواية شينه فإنه أتانا أخيفش أعيمش يمد بيد قصيرة البنان والله ما عرق فيها غبار في سبيل الله يرجل جمته ويخطر في مشيته ويصعد المنبر فيهدر حتى تفوته الصلاة لا من الله يتقي ولا من الناس يستحي فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون لا يقول له قائل: الصلاة أيها الرجل ثم يقول الحسن: هيهات! حال دون ذلك السيف والسوط وروى الربيع بن صبيح عن الحسن قال: ليس لأهل البدع غيبة. انتهى
و سئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن قوله {لا غيبة لفاسق} وما حد الفسق ورجل شاجر رجلين احدهما شارب خمر او جليس فى الشرب أو آكل حرام او حاضر الرقص او السماع للدف او الشبابة فهل على من لم يسلم عليه اثم.؟
فأجاب:
اما الحديث فليس هو من كلام النبى ولكنه مأثور عن الحسن البصرى أنه قال اترغبون عن ذكر الفاجر اذ كروه بما فيه يحذره الناس وفى حديث آخر من القى جلباب الحياء فلا غيبة له وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء
أحدهما ان يكون الرجل مظهرا للفجور مثل الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة فاذا أظهر المنكر وجب الانكار عليه بحسب القدرة كما قال النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رأى منكم منكرا فلغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان رواه مسلم وفى المسند والسنن عن ابى بكر الصديق رضى الله عنه انه قال ايها الناس انكم تقرأون القرآن وتقرآون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها ياأيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم وانى سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول ان الناس اذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك ان يعمهم الله بعقاب منه فمن أظهر المنكر وجب عليه الانكار وان يهجر ويُذَمَّ على ذلك فهذا معنى قولهم القى جلباب الحياء فلا غيبة له بخلاف من كان مستترا بذنبه مستخفيا فان هذا يستر عليه لكن ينصح سرا ويهجره من عرف حاله حتى يتوب ويذكر امره عى وجه النصيحة.) انتهى بنصه 28/ 222
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الأصل في الغيبة الحرمة؛ وقد تجب أو تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها.
ثم ذكر الأبواب التي تجوز فيها الغيبة ومنها قوله:
الرابع:تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم كجرح الرواة والشهود والمصنفين والمتصدين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهلية، أو مع نحو فسق أو بدعة وهم دعاة إليها ولو سراً فيجوز إجماعاً بل يجب. وكأن يشير وإن لم يستشر على مريد تزوج أو مخالطة لغيره في أمر ديني أو دنيوي، وقد علم في ذلك الغير قبيحاً منفراً كفسق أو بدعة أو طمع أو غير ذلك كفقر في الزوج ..... الخامس: أن يتجاهر بفسقه أو بدعته كالمكاسين وشربة الخمر ظاهراً وذوي الولايات الباطلة، فيجوز ذكرهم بما تجاهروا به دون غيره، فيحرم ذكرهم بعيب آخر إلا أن يكون له سبب آخر مما مر انتهى.
وفي الصحيح عن رسول الله يوم قال للمستأذن عليه (بئس أخو العشيرة) قال أهل العلم إن هذا أصل لجواز غيبة الفاسق المعلن بفسقه ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه وأرجو أن ترجع لشرحه وستجد شفاء عليلك أيها الحبيب.
¥