تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ادعاء السرحان أن ابن تيمية لم يكن عقلانيا بقدر ما كان يبحث عن عضد عقلي ينتصر به على مخالفيه، فيبين الهدلق ضعف هذه الدعوة حاشدا لها أقوال العديد من العلماء التي تؤكد أن شيخ الإسلام قد عرف الفلسفة ومارسها في سن مبكرة من عمره، وفي العشرينات تحديدا،أي إن تحصيلها تم مع تحصيل العلم الشرعي وليس اعتضادا بعقل فلسفي للدفع عن الشريعة كما ادعى السرحان.

وحيث يدعي السرحان أن بن ابن تيمية لم يكن ينقل بدقة في إيراده لمقالات فلاسفة اليونان، كما لم يكن يترجم أو ينقل مباشرة بقدر اعتماده على الفلاسفة الإسلاميين الذين سبقوه؛ سيما الغزالي وابن رشد وابن ملكا البغدادي، فان الهدلق لا يرى غضاضة في ارتكاز أقوال ابن تيمية على من سبقه، ولكنه يشير إلى أن السرحان قد غفل أن ابن تيمية وهو يفيد من هؤلاء الفلاسفة فانه لم يتفق معهم دائما، كما أنه كان محققا لأقوالهم ومعلقا أو مستدركا عليها أو مبطلا لبعضها في كثير من الأحيان.

فابن تيمية لم يكن مجرد ملفق للفلسفة ومنتفعا بها، فقد دخل عالم الفلسفة دارسا أو متعلما؛ بل ودخله مخاصما ومجادلا، ولم يدرسها دراسة نفعية أو تلفيقية من أقوال الغزالي أو الشهرستاني ... الخ في ردوده على خصومه من الفلاسفة، ويجد الهدلق كفاية في قول عبد الحكيم اجهر لرد هذه التهمة حيث عمد ابن تيمية إلى الفلسفة من الداخل ونقضها بأدواتها، فكان من المنهج سلوك طرائق الفلاسفة أنفسهم بنوع من الدينامية الفكرية " الديالكتيكية " التي يفيد منها الفيلسوف في فلسفته واستقراءاته العلمية، وهكذا كان ديدن الفلاسفة السابقين والمحدثين على مر العصور، وهكذا كان ابن تيمية.

يرى الهدلق أن سعود السرحان وقع في كثير من الأخطاء في كتابه المذكور، وخاصة الفصل الذي أسماه " مآخذ على ابن تيمية " الذي ملأه بالباطل فيكشف الهدلق أن السرحان زج بوهمه ولم يفرق بين نص لأبن تيمية، وما أورده ابن تيمية من كلام لابن عربي في تعليقاته عليه، مثل قول - ابن عربي – " وأما الإيمان بالرسل فقد ادعوا أن خاتم الأولياء أعلم من خاتم الأنبياء يأخذون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء " وفي موضع آخر يحاول تشويه أقوال ابن تيمية في مقالة الكليات الوجودية " المثل الافلاطونية " بإضافة أقوال تلميذ ابن عربي " القونوي " على اعتبار أنها أقوال ابن تيمية، فكانت مقالة السرحان مقالة تشويهية وصيد في الماء العكر سرعان ما يَبين زيفها ويُكتشَف تهافتها.

ويخطيء السرحان مره أخرى في تقديره لعقلية ابن تيمية الفلسفية عندما نقل نصوصا لما اسماهم " الدارسين لموقف ابن تيمية من المنطق الارسطي " في صورة تشكيكية مقصودة، يردها الهدلق، في أن رفض ابن تيمية للمنطق الارسطي جاء واعيا وعن دراسة وفهم عميق، موضحا ومبينا بعض ما أثبته شيخ الإسلام من تهافت هذا المنطق بالأدلة القاطعة وعدم كفايته للوصول إلى الموقف الحق أو المنتج المعرفي الرصين الذي يمكن الاعتماد عليه بالموازاة مع منطق الوحي بخاصة.

فقد كان شيخ الإسلام صاحب مذهب نقدي مكتمل، وواحد من أكابر العقول العلمية التي عرفها تاريخ الإنسانية، ورائد دعوة تجديدية تنويرية قل أن بلغتها دعوة مجدد في الإسلام، ويتضح مصداق هذا فيما توسل له أبناء الفلسفة الأوروبية ذاتها حديثا من قصور المنتج المنطقي الارسطي للحقائق المعرفية بشقيها الحسي والماورائي، وهو ما يترجمه نقد الفلاسفة التجريبيين الغربيين الحداثيين أمثال فرنسيس بيكون وديكارت ولوك وجان لاك للمنطق الارسطي إذ اثبتوا قصوره عن موادعة الحقائق، فكان شيخ الإسلام له قصب السبق إلى ذلك، وان دل ذلك على شيء، فلا يدل إلا على العقلية الفلسفية الفذة لشيخ الإسلام التي وسعتها عقول الفلاسفة الغربيين أكثر مما ضاقت به بعض صدور أبناء الإسلام المنقلبين عليه، ممن لم يكونوا صادقين مع أنفسهم بقدر ما كانوا نفعيين مشوشين، وعراة مفضوحين. فهل من عودة إلى جادة الحق بعد البيان؟؟؟. [/ SIZE]

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[21 - 06 - 09, 07:30 م]ـ

يرفع للفائدة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير