تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع أن الابتعاث كان ولا يزال رافداً من أهم روافد الاتصال الحضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وقد أفرزته المعطيات الحضارية وفروقها بين الحضارتين؛ إلا أن الكثير ممن هناك تسيطر على عقليته مظاهر الانبهار والتأثر سلباً بفكر المجتمع الغربي وسلوكه، وعند الرجوع إلى أرض الوطن يكون سفيراً لتوجهات فكرية وسلوكية تنتمي إلى حضارة أجنبية، والتاريخ شاهد على ذلك، فقد عاد كثير من المبتعثين المسلمين إلى بلادهم وهم يحملون أفكار الغربيين لا علومهم وتقدمهم، فكانوا نواة لحركة تغريبية – كما سبق – في العالم الإسلامي.

3 - الانبهار بالحضارة الغربية:

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالانتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا جائز، كما يجوز السُّكنى في ديارهم ولبس ثيابهم وسلاحهم .... وأخذ علم الطب من كتبهم مثل الاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه، بل هذا أحسن، لأن كتبهم لم يكتبوها لمعين من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة)

ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: (والتقسيم الصحيح يحصر أوصاف المحل الذي هو الموقف من الحضارة الغربية في أربعة أقسام لا خامس لها، حضرا عقليا لا شك فيه: الأول: ترك الحضارة نافعها وضارها، الثاني: أخذها كلها ضارها ونافعا، الثالث: أخذ ضارها وترك نافعها، الرابع: أخذ نافعها وترك ضارها. فنرجع بالسبر الصحيح إلى هذه الأقسام الأربعة، فنجد ثلاثةً منها باطلةً لا شك، وواحداً صحيحاً بلا شك)

cdcdcdcdcd

آثار ظهور منهج التيسير المعاصر

أولاً / الآثار التشريعية:

1 - التفلّت من بعض الأحكام الشرعية:

فمن باب ما يسمى بـ (فقه الأولويات) ظهرت اختلالات كثير في مراتب الأعمال والأحكام الشرعية – لأجل الأخذ بالتيسير – في كثير من كتابات أصحاب هذا الاتجاه، ومن أبرز ما نتج عن ذلك أمران:

الأول: التهوين بالمسائل الفرعية: ولقد ضُيّع كثير من السنن، بل الواجبات، بحجة الاهتمام بقضايا الأمة الكبرى وتفعيل فقه الأولويات، وإنك لترى وتسمع من إذا أنكرت عليه تقصيرا في ترك سنة أو واجب أو ارتكاب لمحظور شارع بإجابتك بأن الأمة يحيط بها أعداؤها من كل مكان ويكيدون لها وأنت تنكر عليّ هذه المسألة؟! وهكذا في سلسلة لا تنتهي من التفلتات من فرائض الشريعة وسننها بحجة التيسير على الأمة في ترتيب اهتماماتها، وهذا المنهج الذي اختطه دعاة التيسير انتهى ببعضهم إلى أبعاد خطيرة، فقد خرج من يوبخ طلبة العلم الذي يبحثون حتى الآن في مسألة: هل الربا وفوائد البنوك حلال أم حرام؟ بينما الأمريكان يتابعون رحلات الفضاء الهائلة التي تجاوزت كوكب نيوتن.

الثاني: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فأصحاب هذا المنهج يدعون إلى ترك الإنكار في أي مسألة خلافية، وقد سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: هل يُنكر على المرأة التي تكشف الوجه أم أن المسألة خلافية، والمسائل الخلافية لا إنكار فيها؟، فأجاب رحمه الله: (لو أننا قلنا المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كله حين تتبع الرخص، لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس).

2 - الإخلال بمقاصد الشريعة:

ويتمثل هذا في عدة أمور، منها:

أ) التوسع في تحديد مقاصد الشريعة: بعدم الاقتصار على ما ذكره فقهاء الأمة واتفقوا عليه فيما يدخل ضمن الضروريات والحاجيات والتحسينات، ومنها ما يقوله الدكتور الجابري من أن مصالح العباد اليوم لم تعد مقصورة على حفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والعقل والنسل والمال) بل إنها تشمل كذلك: الحق في حرية التعبير، وحرية الانتماء السياسي والحق في انتخاب الحاكمين، والحق في التعليم والعلاج ... إلى غير ذلك من الحقوق الأساسية للمواطن في المجتمع المعاصر.

ب) حصر مقاصد الشريعة على فهم معين: فمثلا تحريم الربا، يرى الجابري أنه إنما حرم لأن فيه استغلال، فإذا لم يوجد فهو مباح، يقول: (ومعلوم أن منع الاستغلال هو الحكمة من تحريم الربا).

ثانياً / الآثار السلوكية:

1 - التفرّق:

وقد أنتج منهج التيسير المعاصر التفرّق من وجهين:

الأول: أن التساهل والتفريط والتيسير غير المنضبط هو في حد ذاته مفارقة لجماعةالمسلمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير