تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن اعتقد احدنا ان المال الذي معه هو ماله لا مال الله، وفرح به، واطمأن لوجوده معه فهذا هو الاعجاب بالمال كمن قال: " إنما اوتيته على علم عندي"

ويتسع هذا المفهوم ليشمل كل شئ يفرح به الإنسان، ويطمئن الى وجوده معه الى أنه ملك ذاتي له.

حمد النفس:

ومن معاني العجب كذلك رؤية احدنا لنفسه بعين الرضا والفرح فيما علمت او عملت وحمدها على ذلك، ولو في جزئية صغيرة، ونسيان أن الله عز وجل هو صاحب كل فضل نحن فيه.

ويؤكد على هذا المعنى ابو حامد الغزالي فيقول: العجب او استعظام النعمة والركون اليها مع نسيان اضافتها للمنعم.

سئل رياح القيس: يا أبا مهاجر ما الذي افسد على العمال اعمالهم؟ فقال: حمد النفس ونسيان النعم.

فالعجب خاطر يهيج في ذاخلك يدعوك لاستعظام عملك واستكثاره فتقول في نفسك: لقد قويت وصبرت و استطعت فعل كذا .. لقد جاهدت ... لقد فهمت كذا ... صمت في يوم شديد الحر .. لقد انفقت كذا ... فرحاً من نفسك بقوتها، معظماً لها مع نسيان نعمة الله عليك في القيام بذلك

الداء الخبيث:

إعجاب المرء بنفسه ولو في جزئية صغيرة يؤدي به الى استعظامها ورؤيتها اكبر من غيرها في هذه الجزئية والاعتقاد في نفعها وفي أنه يمكن بذاته ان يستدعي موهبته في اي وقت يشاؤه ليظهر من خلالها فضله وتميزه على غيره.

ويظن الكثير منا ان داء الاعجاب بالنفس لا يصيب الا أهل التصدر بين الناس، واصحاب الامكانات والمواهب العالية فقط، والحقيقة ان هؤلاء بالفعل اكثر عرضة من غيرهم للاصابة بهذا المرض، إلا انه لا يصيب هؤلاء فقط، بل يحاول مع الجميع، وينتظر اللحظة المناسبة للتمكن من نفس أي إنسان.

فإن كنت في شك من هذا فما تفسيرك لحالة فقير معدم مجهول بين الناس ومع ذلك هو عند نفسه كبير، بل يرى كذلك تميزه على غيره بما لديه من مواهب متوهمة؟

إنه داء خبيث يعرف طريقه جيداً الى النفوس، فما من موقف ايجابي يقوم به الإنسان - قولاً كان او فعلاً - إلا ولهذا الداء محاولة للتأثير على نفسه، والعمل على تضخيمها والإعجاب بها ونسيان المنعم سبحانه وتعالى.

قيل لداود الطائي: أرأيت رجلاً دخل على هؤلاء الأمراء، فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر؟! فقال: أخاف عليه السوط. قيل: إنه يقوى عليه (يعني أنه وطّن نفسه على احتماله ان وقع وا حتسابه عن الله تعالى) فقال: أخاف عليه السيف. قيل: إنه يقوى عليه. قال: أخاف عليه الداء الدفين - العجب.

فالعجب آفة العقل - أي عقل - يدعوه دوماً الى استعظام قوله وعمله او أفكاره وحمد نفسه على ذلك.

اللحظات العابرة:

.. إذن فالعجب داء لا يكاد يسلم منه أ حد، وأخطر ما يقوم به هو تضخيمه للذات، ومن ثم تكوينه لصنم داخلي في نفس صاحبه يحمل اسمه. مع ملاحظة الفارق بين لحظات الإعجاب بالنفس العابرة وبين تأصل هذا الداء داخل الإنسان.

ومع ذلك فإن تجاوب المرء مع تلك اللحظات وعدم مقاومتها سيؤدي الى تمكن الداء من نفسه شيئاً فشيئاً، ومن ثم تكوين الصنم.

تأمل معي هذا الخبر لتدرك خطورة تلك اللحظات، والعمل على مقاومتها واغلاق الابواب امامها.

تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: لبست مرة درعاً لي جديداً فجعلت أنظر اليها فأعجب بها. فقال أبو بكر: ما تنظرين؟! إن الله ليس بناظر إليك!

قلت: ومم ذاك؟ قال: أما علمت أن العبد اذا دخله العجب بزينة الدنيا مقته الله عز وجل حتى يفارق تلك الزينة؟!

قالت: فنزعته فتصدقت به .. فقال أبو بكر: عسى ذلك ان يكفّر عنك.

-----

من كتاب "حطم صنمك وكن عند نفسك صغيراً"

للدكتور مجدى الهلالى

ـ[طويلبة علم]ــــــــ[12 - 07 - 08, 08:17 م]ـ

قال ابن عوف رحمه الله:

عجبت من مُعجبٍ بصورته ... وكان بالأمس نطفةً مَذِرة

وفي غدٍ بعد حُسْنِ صورته ... يصير في اللحد جيفة قذرة

وهو على تِيهه و نَخْوَته ... ما بين ثوبيه يحمل العذرة

كان السلف رضي الله عنهم يحذرون من العجب أشد التحذير

وكان يحيى بن معاذ يقول:إياكم والعجب فإن العجب مهلكة لأهله، وإن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

و في القاموس: العجب بالضم: الزهو والكبر

وقال في تفسير الكبر: هو معظم الشيء والشرف ويضم , والإثم الكبير , كالكبرة , بالكسر الرفعة في الشرف والعظمة , والتجبر كالكبرياء , وقد تكبر واستكبر وتكابر , وكصرد جمع الكبرى. انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير