تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أم أن العذر يختلف؛ فيفرق بين ما كان العذرُ فيه عاماً وبين ما كان العذر فيه خاصاً، أو أنه يفرق بين ما ورد فيه النص وبين ما لم يرد فيه شيء ()، أو بين ما كان العذر فيه من جهة العباد فلا يسقط الدم وبين ما لم يكن من جهتهم ().

أو يفرق بين: الواجبات الأصلية المستقلة: [الوقوف بمزدلفة، المبيت بمنى، رمي الجمار ... ]

وبين: الواجبات التابعة: [وهي الأمور التي يجب مراعاتها في أداء ركن أو واجب في الحج، كعدد الجمار، ومقدار المبيت والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس ..... ] ()

كلها أقوالٌ عند أهل العلم:

لاسيما مع اختلافهم في عدِّ الواجبات، وفي مقدار ما يحصل به ترك الواجب [مثل مقدار ما يحصل به ترك الواجب في المبيت في منى هل يلزم الدم بترك ليلة واحدة أو الثلاث ليال، وكذلك في الجمرات هل هو على ترك الرمي كله أو على كل جمرة.]

وفي الجملة:

فقد أطلق جمهورُ أهل العلم من المالكية والشافعية () والحنابلة:

لزومَ الدم على من ترك واجباً سواء كان بعذر أو بغير عذر،

بينما قيد الأحنافُ وجوبَ الدم:

بما إذا كان لغير عذر، فإن كان لعذر فلا شيء عليه ()،

وإن كانت المذاهب الأربعة قد اتفقت على أن من ترك الوقوف بالمزدلفة لعذر أنه لا فداء عليه، ثم اختلفوا في مسائل أخر في الإعذار.

كما اختلفوا فيمن عجز عن الدم هل يسقط عنه؟ أم أن له بدلاً؟

الجمهور من المالكية والشافعية () والحنابلة:

ذهبوا إلى أن حكمه حكم دم المتمتع فمن عجز عنه صام عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ()

واستدل له ابن قدامة من جهة موقعه من النص، بالقياس على بدل دم المتعة. ()

بينما ذهب الأحناف:

إلى أن الدم لا يسقط، بل يبقى في ذمته إلى ميسرة. ()

وهناك قول ثالث، وهو وجه لدى الشافعية وهو:

أن الدم في ترك المأمور دم ترتيب () وتقدير ()، فإذا عجز عن الدم اشترى بقيمة الشاة طعاما وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوما، وصحح هذا الوجه النووي والغزالي. ()

وللشافعية: وجهان آخران:

وصفوهما بأنهما شاذان ضعيفان، {وكفى الله المؤمنين القتال}. ()

وبقي مما نقصد نذكره مسألتين اثنتين:

المسألة الأولى:

نص جماعة من أهل العلم إلى أنه قد يجب الدم على من أخل ببعض سنن الحج لإساءته:

1 - فقد قال ابن نجيم في البحر الرائق مخرجاً لزوم الدم على من طاف محدثاً بناء على القول بسنية الطهارة:

"لا يمتنع أن تكون سنة، ويجب بتركها الكفارة، ولهذا قال: محمد فيمن أفاض من عرفة قبل الإمام يجب عليه دم؛ لأنه ترك سنة الدفع." ()

2 - ويقول ابن عبد البر في الاستذكار:

"من أسقط شيئا من سنن الحج جبره بالدم لا غير إلا ما أتى فيه الخبر نصا أن يكون البدل فيه من الدم طعاما أو صياما. هذا حكم سنن الحج، وأما فرائضه: فلا بد من الإتيان بها على ما تقدم من حكمها وربما كان مع ذلك دم لتأخير العمل عن موضعه." ()

3 - ولما قال الإمام مالك: (أستحب في مثل هذا أن يهرق دما ... ذلك أن عبد الله بن عباس قال: من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما)

استشكل ذلك الباجي وهو اعتبار الإمام مالك استحباب إهراق الدم مع استدلاله عليه بأثر ابن عباس، فذكر أربع احتمالات أحدها:

"أن ما قاله عبد الله بن عباس يقتضي وجوب الهدي لأن من نسي من نسكه شيئا كالمبيت بالمزدلفة أو رمي الجمار فقد وجب عليه الهدي وإن كان فيها ما يستحب فيه الهدي

لكن لما احتمل قول ابن عباس الوجوب والندب واشتمل على المعنيين تعلق به الندب لأنه متناول له." ()

وفي المذاهب الأخرى ما يشبه هذا.

المسألة الثانية:

في كل المذاهب الفقهية ما يفيد تغليظ الكفارة إذا عظم حصول الإخلال بالنسك: كإيجاب البدنة على من أفسد حجه بالجماع بالقول المنتشر عن الصحابة والذي لم يظهر خلافه ()، أو تعيين الدم في فدية الأذى إذا كان ارتكاب المحظور عن عمد ()، كما أنهم قد ينزلون إلى الإطعام إذا لم يترك الواجب كله، أو أنه أخره أو إن كان المتروك واجباً تابعاً لا أصليا مستقلاً، وقد لا ينتهون في النزول حتى يسقطوا الكفارة إن كان تركُ الواجب موجبَه عذرٌ سمح به الشارع، أو كان بسببٍ ليس من جهته.

================================================== ====

الحواشي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير