والأصل أن هذا الماء الذي نزل من السماء باقٍ على أصل طهوريته
وماء الآبار كذلك، فلا يزول هذا اليقين بمجرّد الشك، بل لا يزول إلا بيقين مماثل.
وماء البحار والأنهار كذلك لا يُنجّسه شيء إلا أن تتغيّر أحد أوصافه بنجس.
قال الشيخ رحمه الله:
فإن تغير أحد أوصافه بنجاسة: فهو نجس يجب اجتنابه.
الشرح:
وهذا بالإجماع
والأوصاف: اللون والرائحة والطعم
فإذا تغير لون الماء بنجاسة فلا يجوز استعماله
وكذلك إذا تغيّرت رائحته بالنجاسة
والطعم قيد أغلبي، وإلا فإن الإنسان أصلاً لا يعرف طعم النجاسة.
قال الشيخ رحمه الله:
والأصل في الأشياء: الطهارة والإباحة.
الشرح:
هذا أصل لا يُنتقل عنه إلا بيقين
فالأصل في الأشياء - كالملابس والفُرُش والبقاع – الطهارة.
فلا يُنتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، فلو شك الإنسان في البقعة أو في الفراش أو في السجاد فالأصل أنه طاهر بيقين، ولا يُحكم بنجاسته إلا بيقين.
والأصل أيضا في الأشياء الإباحة فلا يُحكم بحرمة شيء إلا بدليل ثابت.
قال الشيخ رحمه الله:
فإذا شك المسلم في نجاسةِ ماءِ أو ثوبِ أو بقعةِ أو غيرها: فهو طاهر
الشرح:
كأن ينزل في مكان يُريد الصلاة، أو يسكن في شُقّة أو فندق وما شابه ذلك، فالأصل الطهارة في الأشياء.
قال الشيخ رحمه الله:
أو تيقن الطهارة وشك في الحدث: فهو طاهر
الشرح:
إذا تيقن المسلم الطهارة، كأن يذكر آخر شيء من أمره أنه طاهر - أي أنه توضأ - ثم شكّ هل أحدث أو لا. فبماذا يُحكم له؟
يُحكم له بالطهارة لأن الطهارة بالنسبة له يقين، فلا يُنتقل عن هذا اليقين إلا بيقين.
مثاله: شخص توضأ لصلاة المغرب ثم جاءت صلاة العشاء ولا يذكر أنه أحدث، فهذا يُحكم له ببقاء الوضوء؛ لأنه يقين.
والعكس لو شكّ هل هو على طهارة أو لا، فيُنظر آخر شيء من أمره.
فإن كان – مثلا - قام من النوم وشك هل توضأ أو لا، فالحدث عنده يقين، والوضوء شك، واليقين لا يزول بالشكّ.
قال الشيخ رحمه الله:
لقوله صلى الله عليه وسلم - في الرجل يُخيلُ إليه أنه يجد الشيء في الصلاة -: " لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " متفق عليه.
الشرح:
الحديث ضمن أحاديث عمدة الأحكام، وسيأتي شرحه - إن شاء الله – مُفصّلاً.
الدرس الخامس من شرح كتاب منهج السالكين
قال المؤلف رحمه الله:
[بَابُ اَلآنِيَة ِ]
وَجَمِيعُ اَلأَوَانِي مُبَاحَةٌ.
إِلاّ آنِيَةَ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا , إِلاّ اَلْيَسِيرَ مِنْ اَلْفِضَّةِ لِلْحَاجَةِ ; لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ , وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي اَلدُّنْيَا , وَلَكُمْ فِي اَلآخِرَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الشرح:
في رواية في الصحيحين: لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تلبسوا الديباج والحرير ..
وفي رواية تقديم وتأخير: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ..
وفي رواية النسائي: صحافهما.
والصحفة إناء كالقصعة المبسوطة.
وهي ما تشبع الخمسة.
وقد ورد الوعيد الشديد على مَن يشرب في آنية الفضة فقال عليه الصلاة والسلام: الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم. رواه البخاري ومسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
وفي الحديث قصة، فعن عبد الله بن عكيم قال: كنا مع حذيفة بالمدائن، فاستسقى حذيفة، فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة فرماه به، وقال: إني أخبركم أني قد أمَرْتُه أن لا يسقيني فيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تلبسوا الديباج والحرير، فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة يوم القيامة. رواه مسلم.
ففيه الشِّدّة في الإنكار
وفيه إبداء العُذر وذِكر السبب لما يُستغرب من أفعال وتصرّفات.
والمؤلف قد اقتصر على القدر المختص بالآنية، وهو من باب اختصار الحديث، وهو جائز لمن كان عارفا بما يُحيل المعنى و بما يُخلّ من الاختصار.
ولما فرغ المصنف من ذكر المياه انتقل إلى أوعية المياه وما تُحمل به من آنية.
قال: بَابُ اَلآنِيَة
الشرح:
والآنية جمع إناء.
ثم قال رحمه الله:
وَجَمِيعُ اَلأَوَانِي مُبَاحَةٌ.
الشرح:
¥