لأَنَّ اَلشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي جَمِيعِ غَسْلِ اَلنَّجَاسَاتِ عَدَدًا إِلا فِي نَجَاسَةِ اَلْكَلْبِ , فَاشْتَرَطَ فِيهَا سَبْعَ غَسْلات ٍ, إِحْدَاهَا بِالتُّرَابِ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.
وسيأتي – إن شاء الله – بيان ذلك وتفصيله في شرح العمدة.
قال الشيخ رحمه الله:
وَالأَشْيَاءُ اَلنَّجِسَةُ
1 - بَوْلُ اَلآدَمِيِّ.
2 - وَعُذْرَتُهُ.
وهذا محل اتفاق وإجماع على نجاستهما، أي البول والغائط.
وقال الشيخ رحمه الله:
3 - وَالدَّمُ , إِلا أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ اَلدَّمِ اَلْيَسِيرِ.
المتفق عليه بين أهل العلم نجاسة دم الحيض والنفاس.
وأما ما عداهما فمختلف فيه حيث لم يدلّ الدليل على نجاسة الدمّ إلا ما كان مسفوحا، على ما سيأتي.
وهنا تفصيل ومناقشة لحكم الدم غير المسفوح
http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/147.htm (http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/147.htm) (http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/147.htm)
والراجح من الأدلة عدم نجاسة دم الآدمي غير دم الحيض والنفاس.
قال الشيخ رحمه الله:
وَمِثْلُهُ: اَلدَّمُ اَلْمَسْفُوحُ مِنْ اَلْحَيَوَانِ اَلْمَأْكُولَ , دُونَ اَلَّذِي يَبْقَى فِي اَللَّحْمِ وَالْعُرُوقِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ.
الشرح:
الدم المسفوح هو ما كان كثيرا مسفوكا، وهو ما كان عند الذّبح، لقوله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
ثم استثنى ما كان في اللحم والعروق فإنه طاهر.
قال عكرمة في قوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا) لولا هذه الآية لتتبع الناس ما في العروق كما تتبعه اليهود.
وقال قتادة: حرم من الدماء ما كان مسفوحا، فأما اللحم خالطه الدم فلا بأس به.
قال الشيخ رحمه الله:
4 - وَمِنَ اَلنَّجَاسَاتِ: بَوْلُ وَرَوَثُ كُلِّ حَيَوَانٍ مُحَرَّمٍ أَكْلُهُ.
الشرح:
لأنه تابع لأصله، إلا أن المؤلف رحمه الله اختار في المختارات الجلية أن البغل والحمار طاهران في الحياة، كالهر، فيكون ريقهما وعرقهما وشعرهما طاهر، لعموم البلوى بهذه الأشياء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يركب هذه الدّواب فلم يغسل ما أصابه منها، ولا أمر بالتحرّز منها، وأما لحومها فمحرّمة.
وهذه استثناها لعموم البلوى بها، ولاحتياج الناس لها.
وروى البيهقي عن الحسن أنه كان لا يرى بسور الحمار والبغل بأسا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وبول البغل والحمار فيه نزاع بين العلماء، منهم من يقول: هو طاهر، ومنهم من ينجسه، وهم الجمهور، وهو مذهب الأئمة الأربعة، لكن هل يُعفى عن يسيره على قولين، هما روايتان عن أحمد. اهـ.
قال الشيخ رحمه الله:
5 - وَالسِّبَاعُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ.
الشرح:
السباع مُحرّمة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع. كما في الصحيحين.
وأما أسوار السباع ولعابها فهي ليست بنجسة، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالتحرّز منها، ولا بغسل ما أصاب الآنية أو الثياب منها، كما أمر بغسل ما أصابه لعاب الكلب.
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد؟ يعني السباع، فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض لا تخبرنا! فإنا نرد على السباع وترِد علينا. رواه الإمام مالك وعبد الرزاق والبيهقي في السنن والدارقطني.
ويُستثنى من ذلك الكلب لورود الأمر بالغسل مما ولغ فيه، وألحق بعض أهل العلم الخنزير بالكلب لتحريمه.
قال ابن المنذر في الأوسط: وممن رخص الوضوء بفضل الحمار: الحسن البصري وعطاء والزهري ويحيى الأنصاري وبكير بن الأشج وربيعة وأبو الزناد ومالك والشافعي، وقال: لا بأس بأسوار الدواب كلها ما خلا الكلب والخنزير.
قال الشيخ رحمه الله:
¥