تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: إذا نظر العاقل في مواطن الاتفاق هذه، وتأمل واقع النساء اليوم، علِم -ضرورةً- أن المنع من كشف وجه المرأة في هذا الوقت هو المتعيّن، إذ إن النساء المتقيدات بهذه الشروط: نُدرة، وأحكام الشريعة تُناط بالأعم الأغلب، والنادر ينسحب عليه حكم الغالب؛ مما يتعيّن أمرها بتغطية وجهها.

وقريب من هذا ويشبهه ما ذكره أبو العباس ابن تيمية مراعياً -في الفتيا- واقع الناس وأحوالهم، فقال: (وقد كان الإماء على عهد الصحابة y يمشين في الطرقات مكشوفات الوجوه، ويخدمن الرجال مع سلامة القلوب، فلو أراد الرجل أن يترك الإماء التركيات الحسان يمشين بين الناس في هذه البلاد والأوقات لكان من باب الفساد) ([8]).

هذا والله تعالى أعلم, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين.

منقول من موقع الشيخ: http://www.alssad.com/publish/article_522.shtml (http://www.alssad.com/publish/article_522.shtml)

([1]) الأحزاب 53.

([2]) العدة في أصول الفقه (4/ 1372)، وينظر: المحصول (2/ 602)، والبحر المحيط (4/ 30).

([3]) الأحزاب 59.

([4]) الأحزاب 32 - 33.

([5]) رواه عن نافع ستة؛ واختلفوا عليه:

1 - أيوب بن موسى (وهو ثقة خرج له الجماعة، وقال ابن عبدالبر: وكان حافظاً) عند النسائي (5338)، والطبراني (13/ 416 - 417)، وأبو يعلى (12/ 316)؛ فرواه عنه عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة به.

2 - وتابعه ابن إسحاق (وهو صدوق لا بأس به له بعض الوهام، وهو مدلس ولم أقف على تصريح له بالسماع في هذا الخبر) عند النسائي في الكبرى (5/ 495)، وأحمد (6/ 295، 309) ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد (24/ 148)، والدارمي (2644)، والبيهقي في الكبرى (2/ 233)، والطبراني (23/ 358).

3 - أبو بكر بن نافع (وهو صدوق) عن أبيه فأرسله. (وسيأتي تفصيل روايته).

4 - عبيد الله بن عمر (وهو ثقة حافظ) فوصله؛ عند أحمد (6/ 293، 315)، وأبي داود (4118)، والنسائي (5339)، وابن ماجه (3580)، وابن أبي شيبة (12/ 519)، والطبراني (23/ 384)، والبيهقي في الشعب (6142)؛ ولكنه خالفهم في شيخ نافع، فقال: عنه عن سليمان بن يسار عن أم سلمة به.

وهذا الاختلاف لا يضر؛ لأن الإسناد أينما دار فإنما يدور على ثقة؛ فسليمان بن يسار، وصفية بنت أبي عبيد؛ كلاهما من الثقات. ويحتمل أن نافعاً رواه عن كليهما؛ لأن كلا الوجهين ثابت عن نافع. وأما من حيث الترجيح فرواية الجماعة أولى.

5 - يحيى بن أبي كثير (وهو ثقة مشهور) فوصله بذكر أم سلمة، إلا أنه منقطع حيث أسقط الواسطة بينها وبين نافع، عند النسائي (5337)؛ فقال: عن نافع عن أم سلمة. ورواية الجماعة أولى؛ لأنهم أكثر، وقد زادوا، والزيادة منهم مقبولة؛ لاجتماعهم.

6 - محمد بن عجلان (وهو صدوق له أوهام) فرواه عنه عن عبد الله بن عمر أن أم سلمة فذكره. عند ابن عبدالبر في التمهيد (24/ 148) من طريق: ابن لهيعة. وهذا خطأ كما أشار له ابن عبدالبر؛ لأمور:

- أن الراوي عنه ابن لهيعة، ولا يحتج.

- أنه مخالف لكل الروايات المتقدمة.

- أنه سلك الجادة في حديث نافع، وهم قد خالفوها، فيقدمون عليه؛ لأن معهم زيادة ضبط.

تنبيهات:

التنبيه الأول: تقدم أن أبا بكر بن نافع رواه عن أبيه عن صفية مرسلاً؛ ورواية الوصل أرجح؛ لأن أيوب بن موسى أوثق من أبي بكر بن نافع، وقد وصله، وتابعه على ذلك محمد بن إسحاق، فيزداد الوصل قوة.

وتابعهما عبيدالله بن عمر على وصله بذكر أم سلمة في الإسناد، وإن كان خالفهما في شيخ نافع وقد تقدم الكلام على ذلك، ويمكن أن نعتبر رواية يحيى بن أبي كثير مُعضدة لروايتهم؛ لأنه اتفق معهم على ذكر أم سلمة في الإسناد، وإن كان خالفهما من وجهٍ آخر بإسقاط شيخ نافع.

فتبين مما تقدم أن هذا الحديث صحيح وقد صححه كبار الحفاظ كأبي عيسى الترمذي (1734) وأبي حاتم ابن حبان.

التنبيه الثاني: الراوي عن أبي بكر بن نافع في هذا الحديث هو مالك، وقد اختلف عليه:

فوصله: يحيى الليثي (في الموطأ بروايته: 2658) عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية عن أم سلمة به؛ موصولاً.

وخالفه الجماعة: عبدالله القعنبي (ومن طريقه أبو داود في سننه: 4117، والجوهري في مسند الموطأ: 843، والبيهقي في الشعب: 6143)، وأبو مصعب الزهري (في الموطأ بروايته: 1917؛ ومن طريقه: ابن حبان: 12/ 265، والبغوي في شرح السنة: 12/ 13)، وسويد بن سعيد (في الموطأ بروايته: 691)، ويحيى بن بكير، وعبدالأعلى بن حماد (ومن طريقهما ابن عدي في الكامل 7/ 298)؛ خمستهم رووه عن: مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد أن أم سلمة .. به، مرسلاً.

والصواب عن مالك الإرسال؛ لاجتماع هؤلاء الخمسة على ذلك، وفيهم ثقةٌ حافظٌ مقدمٌ في مالك: كالقعنبي، وأبي مصعب.

على أن صفية بنت أبي عبيد تابعية كبيرة، وقيل: إنها صحابية؛ والصحيح الأول.

وقد وقع خلافٌ: هل أدركت الرسول r أم لا؟ ذهب ابن منده إلى الأول، وذهب الدارقطني إلى الثاني.

وإدراكها لعهد النبوة مُحتملٌ احتمالاً كبيراً، ويؤيد ذلك: ما رواه الواقدي عن موسى بن ضمرة بن سعيد المازني عن أبيه أنها تزوجت عبد الله بن عمر في خلافة أبيه عمر. (ينظر: تهذيب ابن حجر 4/ 679 ط. الرسالة). وهذا يرجّح كلام ابن منده المتقدم، حيث يغلب على الظن أنها حين تزوجت ابن عمر، كان عمرها نحو 15 سنة أقل أو أكثر بقليل، وخلافة الصديق سنتين وأشهر، وخلافة عمر عشر سنوات، فإدراكها لعهد النبوة متّجه. والله أعلم.

ونخلص من هذا إلى قوّة هذا المرسل، وأنها أخذته من أم سلمة رضي الله عنها.

ويؤيد هذا: ما تقدم من رواية محمد بن إسحاق، وأيوب بن موسى؛ كلاهما عن نافع عن صفية عن أم سلمة موصولاً.

التنبيه الثالث: روى النسائي في الكبرى (5/ 496) عن إسماعيل بن مسعود عن خالد بن الحارث عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار أن أم سلمة؛ مرسلاً. والصواب الوصل، فقد رواه جمعٌ عن عبيدالله موصولاً كما تقدم.

([6]) النور 31.

([7]) ينظر: نيل الأوطار (6/ 245).

([8]) مختصر الفتاوى المصرية (ص30)، الفتاوى (15/ 418؛ 21/ 250).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير