تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعا: الخنثى المشكل وإشكالية التكليف الفقهي عند فقهاء الحنابلة.

الحنابلة كباقي الفقهاء قالوا إن الخنثى إما مشكل أو واضح، ويمكن رفع إشكاله قبل البلوغ بالنظر إلى مباله، فإن كان يبول من ذكره فهو ذكر، وإن من فرجه فهو أنثى. قال في ذلك عبد الله بن قدامة: "جاء في الأثر يُورَّث الخنثى من حيث يبول، ولأنها أعم علاماته لأنها توجد في الصغير والكبير، وقد أجرى الله العادة أن الذكر يبول من ذكره والأنثى من فرجها فاعتبر ذلك، فإن بال من حيث يبول الرجل فهو ذكر، وإن بال من حيث تبول المرأة فله حكم المرأة، فإن بال منهما اعتبر بأسبقهما، فإن خرجا في حال واحدة اعتبر أكثرهما، لأن الأكثر أقوى في الدلالة، فإن استويا فهو مشكل". بهذا يكون المعتبر في ذلك الأسبق منهما بولا فيحكم للخنثى من خلاله بالذكورة أو الأنوثة، ولا مزية لأقل المبالين بولا لأنه خلقة زائدة، وهو مذهب الإمام أحمد تبعا لعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وأهل الكوفة. فإن استوى مبال الآلتين معا ولم يسبق أحدهما الآخر فإن الإمام أحمد نصَّ على أكثرهما بولا اعتمادا على ما نقله إسحاق بن إبراهيم عنه أنه كان يقول: يرث من المكان الذي ينزل منه أكثر. وقال ابن حمدان قدرًا وعددًا، لأن الكثرة مزية لإحدى العلامتين فيعتبر بها كالسبق، فإن استوى المحلان في قدر ما يخرج من كل واحد منهما من البول فالخنثى في هذه الحالة مشكل قبل البلوغ، لعدم تمييزه بشيء مما تقدّم.

أما بعد بلوغ الخنثى فثمة علامات اعتمدها الحنابلة كباقي الفقهاء كخروج المني وظهور الحيض، ونبات اللحية وبروز الثديين، نص عليه الإمام أحمد في رواية الميموني وإن تعذر ذلك فالخنثى عندهم مشكل لا علامة فيه على ذكوريته أو أنوثيته لالتباس أمره، وهذا معنى قولهم لا يكون المشكل أبًا ولا أمًّا لانعدام ذكوريته أو أنوثيته. وأقوى العلامات المعتمدة عندهم خروج المني من الذكر، فهو إمارة على كونه رجلا، وإن خرج من فرجه أو حاض فهو إمارة على كونه امرأة، و لقد شدد الحنابلة على من اعتبر المني غير كفيل برفع إشكال الخنثى، لجواز أن يكون أحد الفرجين الذي خرج منه ذلك خلقة زائدة، فقالوا إذا كان خروج البول من أحد الفرجين دليلا على كونه رجلا أو امرأة، فخروج المني والحيض أولى، ولأن خروج مني الرجل من المرأة والحيض من الرجل مستحيل، كما أنكروا على من اعتمد على الأضلاع في تمييز جنس الخنثى بحجة أن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل بضلع، فقالوا: "فلو صح هذا لما أشكل حاله، ولما احتج إلى مراعاة المبال".

خاتمة:

بهذا يمكن القول بأن الفقهاء على اختلاف مذاهبهم وضعوا علامات موحدة يتم بها الحسم في تحديد جنس الخنثى المشكل ذكر هو أم أنثى، كالنظر إلى المبال على اختلاف بينهم في القدر والكثرة، والنظر إلى دليل البلوغ من مني وحيض، مع اعتبار الأوصاف الظاهرية من لحية وثدي، والأوصاف المعنوية من ميل وشهوة. إلا أنهم عند انعدام هذه الأوصاف أو تكافئها عند الخنثى تحيَّر أكثرهم في تحديد نوع الخنثى فألحقوه بالخنثى المشكل الذي لا آلة له أصلا، وبهذا ضاعت على هذا الأخير جملة من الأحكام الفقهية. والفقهاء ـ قديما ـ اتجاه ما بذلوه من اجتهاد في استنباط تلك العلامات لا شك أنهم مأجورون، فبلغهم من العلم وقتها لم يصل حدا كما في زماننا، لذا فإن فقهاء اليوم مطالبون بالنظر في حال الخنثى المشكل بعين الاجتهاد القائم على ما توصل إليه العلم الطبي في هذا المجال الذي بوسعه معرفة جنس الخنثى انطلاقا مما قدمته أبحاثهم العلمية، حتى نرفع عن الخنثى إشكاله، ويصير واضحا في نظر الفقه الإسلامي. اهـ

و من اوسع من كتب عن الخنثى من المتقدمين الامام الاسنوي

عنوان الرسالة: تحقيق كتاب إيضاح المشكل من أحكام الخنثى المشكل لجمال الدين الإسنوي

الباحث: إبراهيم عبد العزيز الغصن

المشرف: محمد فضل مراد

مدرسة / كلية: كلية الشريعة

جامعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

المدينة: الرياض

السنة: 1984

الدرجة العلمية: رسالة ماجستير

ـ[رأفت الحامد العدني]ــــــــ[15 - 03 - 10, 04:14 م]ـ

جزاك الله خيرا أخي الكريم

على هذه الإضافة المفيدة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير