[فتوى في بيع مالا يملكه الإنسان, سلمان العو]
ـ[أبوحبيب2]ــــــــ[12 - 06 - 03, 09:36 م]ـ
بيع مالا يملكه الإنسان
أجاب عليه: سلمان العودة
السؤال:
فضيلة الشيخ / سلمان بن فهد العودة حفظه الله
ما حكم بيع مالا يملكه الإنسان؟ حفظكم الله.
الجواب:
البائع تارة يبيع شيئاً موصوفاً في الذمة، كأن يقول له: أبيعك سيارة جديدة، لونها كذا، وموديلها كذا، وهو في وقت البيع لم يملك السيارة.
وتارة يبيعه سلعة معينة، وهو لا يملكها، كأن يبيعه هذه السيارة بعينها، وهو لا يملكها على أنه سيملكها فيما بعد.
و الثمن تارة يكون نقداً، وتارة يكون ديناً، فهذه أربع صور:
الأولى: المبيع موصوف، والثمن دين.
الثانية: المبيع موصوف، والثمن حال.
الثالثة: المبيع معين, والثمن دين.
الرابعة: المبيع معين, والثمن حال.
فالصورة الأولى: هي أن يكون المبيع غير المملوك موصوفاً في الذمة غير معين، والثمن دين: أي مؤجل، كأن يكون الثمن أقساطاً، مثل أن يبيعه سيارة صفتها كذا وكذا بثمن مؤجل.
فالبيع هنا: بيع دين بدين، فحتى يكون البيع حلالاً، عليه أن يقبض السيارة قبل التفرق، حتى لا يكون بيع دين بدين. وبيع الدين بالدين مجمع على تحريمه، انظر موسوعة الإجماع (1/ 426).
وجاء في بدائع الصنائع (5/ 148): ولا ينعقد بيع الدين من غير من عليه الدين. اهـ
وجاء في المدونة (3/ 192): أرأيت لو أن لي على رجل ديناً حالا أو إلى أجل قرضاً أو من بيع، فاشتريت منه سلعة بعينها قبل محل الأجل أو بعد محل أجل الدين فافترقنا قبل أن أقبض منه السلعة، والسلعة قائمة بعينها أيفسد البيع بيننا في قول مالك أم لا؟ قال: قال: مالك: من كان له على رجل دين فلا يبتعه بشئ من الأشياء إلا أن يقبضه مكانه ولا يؤخره. اهـ
وفي المنتقى للباجي (5/ 76): وإذا بعت الدين من غير من هو عليه ففي كتاب ابن المواز أنه يجوز أن يؤخره بالثمن اليوم و اليومين فقط، ولا يؤخر الغريم إذا بعته منه إلا مثل ذهابه إلى البيت، وأما أن تفارقه ثم تطلبه فلا يجوز، ووجه ذلك أن تأخير المبتاع إذا كان غيره من باب الكالئ بالكالئ، واليسير منه معفو عنه.
و معنى: الكالئ بالكالئ الدين بالدين.
وانظر المجموع (9/ 332)، وكشاف القناع (3/ 265).
قال ابن مفلح في الفروع (4/ 22): وبيع موصوف غير معين يصح في أحد الوجهين اعتباراً بلفظه.
و الثاني لا. وحكاه شيخنا عن أحمد كالسلم الحال.
والثالث: يصح إن كان ملكه.
فعلى الأول حكمه كالسلم، ويعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس، في وجه. وفي آخر: لا، فظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه، وظاهر (المستوعب) وغيره يعتبر وهو أولى، ليخرج عن بيع دين بدين، وجوز شيخنا ـ يعني ابن تيمية ـ بيع الصفة و السلم حالا إن كان في ملكه، قال: وهو المراد بقوله عليه السلام لحكيم بن حزام: "لا تبع ما ليس عندك"، فلو لم يجز السلم حالا لقال: لا تبع هذا، سواء كان عنده أو لا، وأما إذا لم يكن عنده فإنما يفعله لقصد التجارة و الربح، فيبيعه بسعر، ويشتريه بأرخص، ويلزمه تسليمه في الحال، وقد يقدر عليه وقد لا، وقد لا تحصل له تلك السلعة إلا بثمن أعلى مما تسلف فيندم، وإن حصلت بسعر أرخص من ذلك ندم المسلف، إذ كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك الثمن، فصار هذا من نوع الميسر و القمار و المخاطرة كبيع العبد الآبق و البعير الشارد يباع بدون ثمنه، فإن حصل ندم البائع، وإن لم يحصل ندم المشتري. وأما مخاطرة التجارة فيشتري السلعة بقصد أن يبيعها بربح ويتوكل على الله تعالى في ذلك، فهذا الذي أحله الله. اهـ
وأما الصورة الثانية: وهي أن يكون المبيع غير المملوك موصوفاً في الذمة والثمن حالاً.
فهذه الصورة تسمى عند الفقهاء بالسلم الحال، وفيها خلا ف.
فالجمهور: لا يجوز أن يكون السلم حالاً، بل لا بد أن يكون مؤجلاً، واختلفوا في قدر الأجل.
ودليلهم: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلىأجل معلوم".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأجل، والأصل في الأمر الوجوب.
ولأن السلم الأصل فيه النهي، لأنه بيع مالا يملك،وإنما جوز رخصة للرفق والتيسير، ولا يحصل الرفق إلا بالأجل.
وذهبت الشافعية إلى جواز السلم حالاً. وهو اختيار ابن تيمية.
¥