تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

”دروسٌ في علم المختصرات” ـ الدرس الثالث

ـ[عبدالله الشمراني]ــــــــ[13 - 06 - 03, 02:11 م]ـ

”دروسٌ في علم المختصرات” ـ المختصرات الفقهية نموذجًا

[الدرس الثالث]

(محاسن المختصرات)

وقد اتخذت الكلام على ”المختصرات الْفِقْهِيَّةِ” نموذجًا، ويمكن أن نستفيد منه محاسن المختصرات عمومًا.

ومعلومٌ أنَّ محاسن المختصرات الفقهيَّة كثيرة؛ منها:

(1) تقريب المذهب الفقهي لطلاب العلم.

(2) معرفة أحكام المسائل بيسر وسهولة، وانظر: ”المتون الفقهيَّة” للظافري (ص 327).

(3) سهولة تدريسها، وحفظها. وقد قال الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ كما في: ”مغني المحتاج” (1/ 9):

(الكلامُ يُبَسَّط لِيُفْهَم، ويُخْتَصر لِيُحْفَظ) أ. هـ

(4) اعتماد غالبها على قولٍ واحد، وهو الرَّاجح في المذهب.

(5) اشتمالها ـ رغم قصرها ـ على أكبر قدرٍ من المسائل الفقهيَّة الفرعيَّة [انظر الدرس (الرابع) سَعَةُ الْمَادَّةِ الْعِلْمِيَّةِ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ الْفِقْهِيَّةِ].

(6) حفظها يعين العلماء، وطلاب العلم على سرعة استحضار المسائل الفقهيَّة. وانظر: ”كشف الظنون” (1/ 35).

(7) نظرًا لصغر حجمها؛ فإنَّ طالب العلم يستطيع الاطلاع على فكر مذهب فقهي بكامله، ويكون ـ غالبًا ـ قد اطّلع على أرجح روايات ذلك المذهب. وانظر: ”المتون الفقهيَّة” (ص 327).

ومن يقرأ مقدمة ”المختصرات” يلمس هذا، وسأختار بعض المقدمات؛ لتأكيد ذلك:

(1) مقدمة: ”إرشاد السالك إلى أشرف المسالك”؛ لعبدالرحمن بن محمد بن عسكر، شهاب الدين، المالكي (644 ـ 732هـ):

(فإنَّ الولد السعيد سألني أنْ أضع له كتابًا، يكون مع كثرة معانيه، وجيز اللفظ، سهل التناول، والحفظ) أ. هـ

(2) مقدمة: ”مختصر خليل”؛ لخليل بن إسحاق، الجندي، المالكي ( ... ـ 769هـ):

(قد سألني جماعة: مختصرًا على مذهب الإمام مالك، مبينًا لما به الفتوى؛ فأجبت سؤالهم) أ. هـ

(3) مقدمة: ”التنبيه”؛ لإبراهيم بن علي، أبي إسحاق، الشيرازي، الشافعي، (393 ـ 476هـ):

(هذا كتابٌ مختصرٌ في أصولِ مذهبِ الشافعي، إذا قرأه المبتدي، وتصوّره؛ تنبَّه به على أكثر المسائل، وإذا نظر فيه المنتهي؛ تذكَّر به جميعَ الحوادث) أ. هـ

(4) مقدمة: ”الغاية والتقريب”، المشهور بـ: ”متن أبي شجاع”؛ لأحمد بن الحسن الأصفهاني (434 ـ 593هـ):

(سألني بعض الأصدقاء: أنْ أعملَ مختصرًا في الفقه على مذهب الإمام الشافعي، في غاية الاختصار [ولهذه العبارة سُمِّي هذا المتن بـ: ”الغاية في الاختصار”]، ونهاية الإيجاز؛ ليقربَ على المتعلِّم دَرْسُهُ، ويَسهُلَ على المبتدي حفظُهُ، وأنْ أُكْثِرَ فيه من التقسيماتِ، وحَصْرِ الخصال ... ) أ. هـ

(5) مقدمة ”زاد المستقنع”؛ لموسى بن أحمد، الحَجَّاوي، الصَّالِحِي (895 ـ 968هـ):

(هذا مختصرٌ في الفقه من ”مقنع” الموفق أبي محمد، على قولٍ واحد، وهو الرَّاجح في مذهب أحمد، وربما حذفت منه مسائل نادرةَ الوقوع، وزدت ما على مثله يعتمد، إذ الهمم قد قصرت، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت، وهو ـ بعون الله ـ مع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل) أ. هـ

(6) مقدمة: ”أخصر المختصرات”؛ لمحمد بن بدر الدين بن بَلْبَان، الدمشقي، الحنبلي (1006 ـ 1083هـ):

(قد سنح بخَلدي أنْ أختَصِرَ كتابي المسمى بـ: ”كافي المبتدي” الكائن في فقه الإمام أحمد؛ ليَقْرُبَ تناولُه على المبتدئين، ويَسْهُلَ حفظُهُ على الرَّاغبين، ويقلَّ حجمُهُ على الطَّالبين) أ. هـ

(7) مقدمة: ”زبدة ابن رسلان” لأحمد بن حسين بن حسن بن رسلان، أبي العباس، الرّملي، الشافعي، (773 ـ 844هـ):

(وبعدُ هذي زُبَدٌ نَظَمْتُهَا أبياتُهَا ألفٌ بما قد زِدْتُهَا

يَسْهُلُ حِفْظُهَا على الأطفالِ نافِعةٌ لِمُبتدِي الرِّجالِ

تكفى مع التوفيق للمُشْتَغِلِ إنْ فُهِمَت وأُتْبِعَت بالعملِ) أ. هـ

قال الإمام أبو الحسن الماوردي ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ في: ”الحاوي” (1/ 11):

(المختصر أقرب إلى الحفظ، وأبسط للقارئ، وأحسن موقعًا في النفوس؛ ولذلك تداول إعجاز قوله عزّ وجلّ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]؛ لاختصار لفظه، وإجماع معانيه.

وعجبوا من وجيز قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].

ومن اختصار قوله تعالى: {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44]. وقالوا: إنَّها أخْصَرُ آيةٍ في: ”كتاب الله تعالى”.

واستحسنوا اختصار قوله عز وجل: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} [الزخرف: 71]، كيف جمع بهذا اللفظ الوجيز بين جميع المطعومات، وجميع الملبوسات؟!

ولفضل الاختصار على الإطالة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَاخْتُصِرَتْ لِيَ الْحِكْمَةُ اخْتِصَارًا)). [الشطر الأول متفق عليه، والشطر الثاني ضعيف].

وقال الحسن بن علي [رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا]: (خَيْرُ الْكَلاَمُ مَا قَلَّ وَدَلَّ، وَلَمْ يَطُلْ فَيُمَلَّ) ... ) أ. هـ

[وإلى لقاءٍ قريب ـ إن شاء الله ـ في الدرس الرابع، وهو:

(سَعَةُ الْمَادَّةِ الْعِلْمِيَّةِ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ الْفِقْهِيَّةِ)]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير