تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال القاضي عياض: "أجمعت الأمة على قتل منتقصه من المسلمين وسابه" ([32] (33)). ونقل القاضي عياض عن محمد بن سحنون قوله: أجمع العلماء أن شاتم النبي r المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر ([33] (34)).

ويذكر شيخ الإسلام أن تكفير المسلم والحكم بقتله إذا سب النبي r هو مذهب الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم ([34] (35)).

والحكم في سب سائر الأنبياء كالحكم في سب نبينا محمد r( [35](36)) وكذلك الحكم في سب الملائكة أو أحد منهم.

يقول القاضي عياض: "وحكم من سب سائر أنبياء الله تعالى وملائكته واستخف بهم أو كذبهم فيما أتوا به أو أنكرهم وجحدهم حكم نبينا r على مساق ما قدمناه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} (النساء الآيات: 150 - 151) ([36] (37)).

وبهذا ندرك خطورة اللعن، وأن الشخص قد يخرج من الملة بكلمة يقولها ولو كان مازحاً.

حكم لعن الكفار عموماً

جاء الشرع بلعن الكفار عمومًا كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (الأحزاب: 64).

وقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِين} َ (البقرة من الآية: 89).

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ} (البقرة من الآية: 161).

كما جاء اللعن لبعض أصنافهم ومن ذلك قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (المائدة: 78).

وقال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} (المائدة من الآية: 64).

وفي الحديث يقول الرسول r: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ([37] (38)).

وكان المسلمون يلعنون الكفار في قنوتهم كما جاء عن عمر t أنه كان يقنت بعد الركوع ويقول في دعائه" اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين" ([38] (39)).

وروى مسلم عن خفاف بن إيماء قال: ركع رسول الله r ثم رفع رأسه فقال: "غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله، اللهم العن بني لحيان، والعن رعلا وذكوان" ثم وقع ساجداً. قال خفاف: فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك ([39] (40)).

وصح أن أبا هريرة t كان يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح، فيدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار ([40] (41)).

وقد تواتر النقل عن السلف الصالح بلعن الكفار عموماً لا سيما في رمضان كجحدهم الحق، وعداوتهم للدين وأهله ([41] (42)).

فلعن الكفار إجمالاً جائز سواء علق اللعن بوصف الكفر، أو بصنف من أصنافهم كاليهود والنصارى ونحو ذلك، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك.

قال ابن الملقن في شرحه لحديث: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

"فيه لعن اليهود والنصارى غير المعينين وهو إجماع" ([42] (43)). وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن رجل لعن اليهود ودينهم، فقال: "إن لعن دين اليهود الذي هم عليه في هذا الزمان فلا بأس به في ذلك، فإنهم ملعونون هم ودينهم…" ([43] (44)).

ولعن الكفار عموماً أو بعض أصنافهم لا يخلو من إحدى حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون على سبيل الإخبار.

الحالة الثانية: أن يكون على جهة الدعاء عليهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير