تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام النووى: ومعنى هذا الحديث أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزورون أم شريك ويكثرون التردد إليها لصلاحها، فرأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن على فاطمة من الاعتداد عندها حرجاً من حيث إنه يلزمها التحفظ من نظرهم إليها ونظرها إليهم وانكشاف شيء منها، وفى التحفظ من هذا مع كثرة دخولهم وترددهم مشقة ظاهرة، فأمرها بالاعتداد عند ابن أم مكتوم لأنه لا يبصرها ولا يتردد إلى بيته من يتردد إلى بيت أم شريك.

• ثم قال رحمه الله: وأما حديث فاطمة بنت قيس مع ابن أم مكتوم فليس فيه إذن لها في النظر إليه بل فيه أنها تأمن عنده من نظر غيرها وهي مأمورة بغض بصرها فيمكنها إِلاحتراز عن النظر بلا مشقة بخلاف مكثها في بيت أم شريك.

• وقال الإمام الشوكانى: إنه يمكن ذلك مع غض البصر منها ولا ملازمة بين الإجتماع فى البيت والنظر ".

3. الحديث الصحيح فى مضيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى النساء فى يوم العيد عند الخطبة فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة. أخرجه الشيخان.

ويُجاب عنه:

• أن ذلك لا يستلزم النظر منهن لإمكان سماع الموعظة ودفع الصدقة مع غض البصر كما قال الإمام الشوكانى.

o ومن أقوالهم: قول الإمام ابن حجر رحمه الله: ويقوى الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين، وبهذا احتج الغزالى على الجواز فقال: لسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط وإن لم تكن فتنة فلا، إذ لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفى الوجوه والنساء يخرجن منتقبات، فلو استووا لأمر الرجال بالتنقب أو منعن من الخروج. أ. هـ.

• ويُجاب عن كلام ابن حجر والغزالى: أنه ليس ما جاز كشفه جاز النظر إليه. فمن العلماء من قال بجواز كشف وجه المرأة، فهل يستلزم القول بجواز الكشف جواز النظر؟؟ فلا يستلزم من كشف الرجال لوجههم وخروج المرأة إلى المسجد والسوق جواز النظر إليهم، فإنها مأمورة بغض بصرها كما بيَّن الله وأمر، وإن وقع نظرها على الرجال دون قصد منها، أمكنها أن تغض بصرها، وذلك بأن ترخى طرفها، فإن الله قد سمح بنظر الفجأة ولم يكلفنا ما لا نطيق، ولكن لا تتعمد النظر إليهم.

بل يُقال: إن النساء كالرجال فى الافتتان بالنظر، فإن المرأة تشتهي كما يشتهي الرجل، وتستقبح كما يستقبح كذلك، فهى تملك مشاعر وأحاسيس كما يملك الرجل، ألم تسمع نبأ نبىّ الله يوسف إذ قالت النسوة اللاتى رأينه "فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ: حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ" وافتُتنَ بجماله.

نعم "أُعطىّ يوسف وأمه شطر الحسن" كما صح ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن الشاهد من الأمر إعجاب المرأة بالرجل والأمر نسبى يزيد وينقص.فليُتَدّبر.

• وقد وقعت حادثة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، ففى رواية معتمر بن سليمان بسنده عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: أول خلع كان فى الإسلام امرأة ثابت بن قيس أتت النبى صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل فى عدة "أى: عدة رجال" فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامةً، وأقبحهم وجهاً، قال صلى الله عليه وسلم: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قالت: نعم، وإن شاء زدته، ففرق بينهما. ذكرها ابن حجر فى الفتح،والقرطبى فى التفسير، والطبرى، وابن كثير، والربيع فى مسنده، وأحمد، والطبرانى فى الكبير.

فانظر هذا من جنس تأثر المرأة بالنظر إلى الرجل، وغير ذلك من القصص الواردة والمشَاهدة فى الواقع تؤيد ذلك وتثبته.

• وقد استُدل بالحديث السابق على جواز النظر وذلك أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر عليها نظرها إلى الرجال، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، كما هو معلوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير