تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الفرق بين الفرض والواجب عند الاصوليين]

ـ[الدكتور صالح محمد النعيمي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 11:22 ص]ـ

الفرق بين الفرض والواجب عند الأصوليين

للدكتور صالح محمد صالح النعيمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله أحق الحمد وأوفاه، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فان معرفة الاصطلاحات المستخدمة من الأئمة الأعلام طريق الوصول لإدراك الصحيح لما يصدر عنهم من أقوال وفتاوى، وأكثر الأئمة المتقدمين لم يذكروا مصطلحاتهم ولذا اجتهد أهل العلم في بيان ما استعمله كل عالم من المصطلحات الأصولية والفقهية، وتحرير المصطلحات أمر في غاية الأهمية، لكن رأينا من ينسب إلى العلماء أقوالا لم يقولوها، وإنما فهمت من قول له، ولم ينص عليها نصا قاطعا.

إذ يخطئ الباحث بتحميل مصطلحات متأخرة على أقوال المتقدمين قبل أن يشتهر ذلك المصطلح، وهذه المشكلة موجودة في علم مصطلح الحديث، كإعلان الأئمة بالإرسال وحكمهم على الحديث بأنه فيه علة، أو ضعيف، أو مرفوع اصح ونحوهما من العبارات المستعملة من المصنفين، وقد لا تكون بالضرورة هي نفس المعرفة في كتب المصطلح " كمقدمة ابن الصلاح " وما بعدها من المؤلفات، كما ان المصطلحات الأصولية لها نصيب من الخلط والخطأ من قبل الباحثين،،فقد يقرأ باحث أن الإمام احمد كره كذا فيحمله على الكراهة الاصطلاحية، أو قال: هذا الأمر سنة أو ومستحب فيحمله على ما هو متعارف عليه اصطلاحا، وعند التدقيق وضم كلامه في المسالة الواحدة إلى بعض نرى انه يروم معنى غيره، ومن المسائل الأصولية التي وقع فيها الخلاف بين علماء الأصول مسالة التفريق بين الفرض والواجب، وقد اشتهر أن الجمهور على أنهما اسم لمسمى واحد، وان الحنفية يفرقون بينهما، إلا أننا وجدنا أن الإمام احمد يستعمل اللفظين فهل كان يفرق بينهما، ومتى على المأمور به فرض ومتى يقال واجب.

والمسالة وان كانت تحتاج إلى استقراء تام ومثله يحتاج إلى سعة في الوقت، إلا أن محاولة الخروج بنتيجة في هذه المسالة ولو بالاطلاع على بعض المسائل ذات علاقة بذلك قد يوصل إلى النتيجة الصحيحة،والبحث يتكون من الآتي: مقدمة ومطلبان، ومن الله نستمد العون والتوفيق

والحمد لله رب العالمين

المطلب الأول

ماهية الفرض والواجب

الفرض لغةً: يستعمل لمعنيين:

أحدهما: التقدير، قال تعالى: (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُم)، ويقال فرض القاضي النفقة أي قَدَّرَ.

والثاني: القطع، يقال: قرضت الفأرةُ الثوبَ، أي قطعته.

أما في الاصطلاح الشرعي: هو اسم لمقدر شرعاً لا يحتمل الزيادة والنقصان، وهو مقطوع به لكونه ثابتاً بدليل موجب للعلم قطعاً من الكتاب أو السنة المتواترة أو بالإجماع، وفي الاسم ما يدل على ذلك كله.

الواجب، لغةً فيستعمل في شيئين:

أحدهما: في الساقط، ويقال: وجب الميت أي سقط، ومنه سمي القتيل واجباً، قال الله تعالى: (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا)، أي سقطت.

والثاني: في اللازم، يقال: وجب عليه الدين، ووجب عليه الصوم والصلاة أي لزم المكلف أداؤه لا يخرج عن عهدته دونه – كأنه لازمه وجاوره.

وقيل: مأخوذ من الوجبة وهي الاضطراب سمي به لاضطراب في دليل ثبوته.

أما في الاصطلاح الشرعي: الواجب من حيث وصفه بالوجوب هو ما يثاب على فعله، ويعاقب على تركه.

تحرير محل النزاع:

لا خلاف بين العلماء على أن الواجب والفرض متباينان من حيث المفهوم، كما مر تعريفهما لغة، ولا خلاف في أن ما ثبت بدليل قاطع يكفر جاحده، وما ثبت بدليل فيه ظن: لا يكفر جاحده، ولا خلاف في أنه يطلق أحدهما مكان الآخر، فالجمهور يطلقون على الفرض والواجب معنيين مترادفين على مسمى واحد، والحنفية يطلقون كل واحد مكان الآخر، إذ يقولون: أن الوتر فرض عملاً لا اعتقاداً، ولا خلاف في وجوب العمل في كل منهما ويأثم تارك واحد منهما.

المطلب الثاني

دراسة المسألة

إن منشأ الخلاف في هذه المسألة هو على مذهبين هما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير