[حكم معارضة النص الصحيح بالإجماع أو بدعوى خلاف عمل الناس]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[07 - 08 - 07, 01:31 ص]ـ
[حكم معارضة النص الصحيح بالإجماع أو بدعوى خلاف عمل الناس]
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا شك أن معارضة النصوص بآراء الرجال أو بغيرها من الدعاوي خلاف ما عليه الصحابة والتابعين.
فإن الله أمرنا بطاعته وطاعة رسوله كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} وأمرنا أن نأخذ بأمره وننتهي عن نهيه قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وعلى ذلك سار السلف الصالح من الصحابة والتابعين فكانوا لا يقدمون على قول الله وسوله قول أحد كائنا من كان.
ثم ظهر بعد تلك القرون من عارض الوحي بالرأي والقياس والعقل.
ومن المسائل المهمة والتي اختلف فيها العلماء
حكم معارضة النص الصحيح بدعوى الإجماع أو خلاف عمل الناس؟
إليكم بعض ما وقفت عليه من أقوال العلماء والله الموفق للصواب.
الإجماع إجماعان
قال الشنقيطي رحمه الله في المذكرة (151): واعلم أن الإجماع الذي هو حجة قاطعة عند الأصوليين هو القطعي لا الظني والقطعي هو القولي المشاهد أو المنقول بعدد التواتر والظني كالسكوتي والمنقول بالآحاد.
قال شيخ الإسلام: والإجماع نوعان
1 - قطعي فهذا لا سبيل إلى أن يعلم إجماع قطعي على خلاف النص.
2 - وأما الظني فهو الإجماع الإقرارى والاستقرائي بأن يستقرىء أقوال العلماء فلا يجد في ذلك خلافا أو يشتهر القول في القرآن ولا يعلم أحدا أنكره؛ فهذا الإجماع وإن جاز الاحتجاج به فلا يجوز أن تدفع النصوص المعلومة به لأن هذا حجة ظنية لا يجزم الإنسان بصحتها فإنه لا يجزم بانتفاء المخالف وحيث قطع بانتفاء المخالف فالإجماع قطعي , وأما إذا كان يظن عدمه ولا يقطع به فهو حجة ظنية والظني لا يدفع به النص المعلوم لكن يحتج به ويقدم على ما هو دونه بالظن ويقدم عليه الظن الذي هو أقوى منه.
مجموع الفتاوى (19
268)
لايجوز رد الحديث الصحيح بحجة أن الناس لم يعملوا به
قال شيخنا الألباني رحمه الله: إن رد الحديث الصحيح بالقياس أو غيره من القواعد التي سبق ذكرها مثل رده بمخالفة أهل المدينة له، لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث المتقدمة القاضية بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع، ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد، ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم، بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد، ويقدمون عليها الحديث الصحيح اتباعاً للكتاب والسنة، كيف لا، مع أن الواجب العمل بالحديث ولو مع ظن الاتفاق على خلافه أو عدم العلم بمن عمل به، قال الإمام الشافعي في "الرسالة" (ص463/ 464): " ويجب أن يقبل الخبر في الوقت الذي ثبت فيه، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر ".وقد قال العلامة ابن القيم في
"إعلام الموقعين" (1/ 32 - 33):
" ولم يكن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يقدم على الحديث الصحيح، عملا ولا رأيا ولا قياساً ولا قول صاحب، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعاً، ويقدمونه على الحديث الصحيح وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع، ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت، وكذلك الشافعي أيضاً نص في "رسالته الجديدة" على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ... ونصوص رسول الله صلى الله عليه و سلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها ما توهم إجماع، مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفاً في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص ".
وقال ابن القيم أيضاً (3/ 464 - 465):
¥