تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المنهج الأصولي للنظام التشريعي الإسلامي]

ـ[أبو صخر اليماني]ــــــــ[14 - 08 - 07, 02:43 ص]ـ

[المنهج الأصولي للنظام التشريعي الإسلامي]

د. حسن سالم الدوسي

تكفلت الشريعة الإسلامية بتوضيح المنهج الأصولي للنظام التشريعي الواجب اتباعه على نحو مجمل، فحددت الأدلة الإجمالية، والأصول الكلية، والضوابط العامة التي يرجع إليها المجتهد والحاكم في التعرف على الحكم الشرعي.

وتتألف الملامح العامة لهذا المنهج - الواجب اتباعه في التعرف على الحكم الشرعي - من عنصرين اثنين:

الأول: هو إسناد الحاكمية لله عزّ وجل والأمر بطاعته وطاعة رسوله r.

و الثاني: هو تحديد الأدلة التي يرجع إليها المجتهد والحاكم. أي أنّ النصوص حدَّدت أصول الاستدلال التي يُستعان بها على استنباط الأحكام الجزئية الفرعية.

وأشمل نص قرآني - فيما يبدو - لبيان الأصول المعتمدة للتعرف على الأحكام الشرعية هو قوله تعالى: " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء:59). فهذه الآية بينت أصول الشريعة الإسلامية والحكومة الإسلامية. والأصول التي بينتها هذه الآية هي:

- الأصل الأول: القرآن الكريم. والعمل به هو طاعة الله سبحانه وتعالى.

- الأصل الثاني: سنة رسول الله r. والعمل بها هو طاعة الرسول r .

- الأصل الثالث: إجماع أولي الأمر من المسلمين وهم أهل الحل والعقد الذين تثق بهم الأمة من العلماء والرؤساء. وطاعتهم حينئذ هي طاعة أولي الأمر.

- الأصل الرابع: عرض المسائل المتنازع فيها على الأصول الكلية والقواعد العامة المعلومة في الكتاب والسنة. وذلك معنى قوله تعالى: «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ».

فهذه الأصول الأربعة هي الأدلة الإجمالية التي يستعين بها المجتهد أو الحاكم في التعرف على الأحكام الشرعية.

ثم لابد من وجود جماعة يقومون بعرض المسائل المتنازع فيها على الكتاب والسنة ويجب على الحكام الحكم بما يقرره أولوا الأمر وتنفيذه، وبذلك تكون الدولة الإسلامية مؤلفة من جماعتين أو ثلاث:

الأولى: جماعة المبيِّنين للأحكام، وهم الذين يعبّر عنهم أهل هذا العصر بالهيئة التشريعية.

والثانية: جماعة الحاكمين والمنفذين، وهم الذين يطلق عليهم اسم الهيئة التنفيذية.

والثالثة: جماعة المحكمين في التنازع، وهم الذين يطلق عليهم السلطة القضائية، ويجوز أن تكون طائفة من الجماعة الأولى [1].

والآية السابقة فيها إشارة إلى ترتيب تلك الأصول، وقد جاءت نصوص السنة مصرحة بذلك الترتيب فيما رواه المحدثون عن معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما أرسله رسول الله r إلى اليمن قاضيًا ومعلمًا، قال: قال رسول الله r: « بمَ تقضي إذا عرض لك قضاء، قلت: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في الكتاب، قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله، قلت: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله r على صدري، وقال: الحمد لله الذي وفَّق رسول رسول الله إلى ما يرضي الله ورسوله» [2].

وعدم تعرض الحديث للإجماع لا ينفي كونه دليلاً، لأنه لم يكن له اعتبار في عصر نزول الوحي، بل لم يوجد إلاّ في عصر الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم، وقد جاء الإجماع بعد القرآن والسنة في الأثر الذي روي في المجموع عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث يروي الإمام زيد رحمه الله في كتاب الشهادات - باب القضاء - عن علي رضي الله عنه قال: «أول القضاء ما في كتاب الله عز وجل، ثم ما قاله الرسول r، ثم ما أجمع عليه الصالحون؛ فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله ولا في السنة ولا فيما أجمع عليه الصالحون اجتهد الإمام في ذلك لا يألو احتياطا ً واعتبر وقاس الأمور بعضها ببعض، فإذا تبين له الحق أ مضاه» [3].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير