(والراجح فقهاً هو ما ذهب إليه حاملو مطلق نصوص المسألة على مقيدها مع أن الأفضل هو رفع الإزار عن حد الكعبين)
وأورد قول من قيد النهي بالخيلاء فقال (إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة.
والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده.
والأصل في اللباس الإباحة فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والشارع قصد من تحريم هذا اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة.
وإذا نظرنا إلى عموم اللباس وهيئاته وأشكاله لم نجد منه شيئاً محرماً إلا وتحريمه له سبب وإلا فما معنى التحريم وما الغرض منه، لذا فإن مفهوم الأحاديث أن من أسبل ولم يقصد بذلك الكبر والخيلاء، فإنه غير داخل في الوعيد.
ويؤكد هذا ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من جر ثوبه لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنك لست ممن يفعله خيلاء) "
فهذا نص صحيح صريح في المسألة في أن القصد من التحريم هو الخيلاء لا كثرة نزول الإزار أو قلته وإلا لقيد به.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وأما قوله صلى الله عليه وسلم المسبل إزاره فمعناه المرخي له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسر بالحديث الآخر.
وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم من أسبل إزاره ويدل على أنه المراد بالوعيد من جره خيلاء وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وقال لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء.)
توضيح الأحكام من بلوغ المرام للشيخ عبدالله بن عبد الرحمن البسام 6/ 246 – دار القبلة للثقافة الإسلامية
والله تعالى أعلم.
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[05 - 01 - 04, 01:44 ص]ـ
وكان أحد الإخوة هنا قد نشر هذه المشاركة ووعد بالإكمال لكنه لم يفعل:
إبراهيم بن يزيد النخعي – رحمه الله تعالى -:
فقد أخرج ابن أبي شيبة في ((المصَنَّفِ)) (رقم:24845) قال: حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن مغيرة قال: ((كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم)).
إسناده صحيحٌ
أيُّوب بن أبي تِميمَة السِّختِيَانيُّ – رحمه الله تعالى -:
فقد أخرج الإمام أحمد في ((العلل)) – رواية ابنه عبد الله – (رقم: 841) قال:حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدَّثنا حماد بن زيد، قال: ((أمرَنِي أيّوب أن أقطعَ له قميصاً قال: اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً)).
وإِسنادٌه صحيحٌ، رواته الأئمَّةُ الفحُولُ الذين بهم تُعرَفُ الرِّجَالُ.
و قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّةَ في ((شرح العمدة)) ص: 368 (و قد فرق أبو بكر و غيره من أصحابنا في الاستحباب بين القميص وبين الإزار فقال: يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين أو إلى شراك النعلين، و طول الإزار إلى مراق الساقين، و قيل: إلى الكعبين، و يكره تقصير الثوب الساتر عن نصف الساق قال إسحاق بن إبراهيم: دخلت على أبي عبد الله و عليَّ قميصٌ قصيرٌ أسفل من الرُّكبة و فَوقَ نصفِ السَّاق، فقال: أَيشٍ هذا؛ و أنكره)) و في رواية: أيش هذا، لِمَ تُشَهِّرُ نَفسَك)).
و ذلك لأن النَّبِي صلى الله عليه و سلم حَدَّ أُزرَةَ المؤمن بأنَّها إلى نصف الساق و أمر بذلك، و فعله، ففي زيادة الكشف تعرية لما يشرع ستره لا سيما إن فُعِلَ تديُّنا، فانَّ ذلك تنطُّع و خروجٌ عن حدِّ السنة و استحباب لما لم يستحِبَّه الشَّارع)).
*علماً أنَّ هذه اللِّبسةَ صارت اليوم من الشُّهرة، و قد يصاحبها عند البعض العجب و الغرور و الرياء، حيث يظنُّ نفسه الأقرب إلى فعل السنة و تطبيقها، و أن ذلك لكمال إيمانه، و نحوها من الوساوس الشيطانية و المقاصد الإبليسية.
قال أيوب السختياني: ((كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، و الشهرة اليوم في تقصيرها)).
أخرجه معمر في ((جامعه)) (11/ 84) – و من طريقه عبدالرزاق في ((المصنف)) (11/ 84)، و من طريقه أيضا: أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (1) (7/ 248) و الدينوري في ((المجالسة)) (1919) و أبو نعيم في ((الحلية)) (3/ 7) و البيهقي في ((الشعب)) (رقم:6243) –.
و لفظ الحلية: ((كان في قميص أيوب بعض التذييل فقيل له فقال: الشهرةُ اليومَ في التشمير)).
و لفظ ابن سعد: ((يا أبا عروة – هي كنيةُ معمرٍ -: كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، فالشهرة اليوم في تشميرها)).
و كما قال سفيان بن حسين لعمر بن علي بن مقدم: أتدري ما السمت الصالح؟! ليس هو بحلق الشارب!، و لا تشمير الثوب؛ و إنما هو: لزوم طريق القوم، إذا فعل ذلك قيل: قد أصاب السَّمت، وتدري ما الاقتصاد؟! هو المشي الذي ليس فيه غلو ولا تقصير.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (21/ 68) و سنده صحيح.
وأنا اطلب منه الإكمال من باب نشر العلم الذي لا يجوز كتمانه.
¥