تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الأول: من شرط الزواج من الكتابية أن تكون عفيفة و هذا الشرط حقيقة ليس خاص بالكتابية بل يعم المسلمة و الكتابية كما قال تعالى {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (3) سورة النور و في آية المائدة قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة فكرر الله تعالى الإحصان و المراد هنا به العفة كرره عند ذكره لنساء المؤمنين و نساء أهل الكتاب فدل على أهمية هذا الشرط و التشديد عليه و لولا ذلك لكان ذكره مرة واحدة في كفاية لإفادة المراد فتنبه قال الشعبي رحمه الله (هو أن تحصن فرجها، فلاتزني، وتغتسل من الجنابة).

قال بن كثير رحمه الله (وهو قول الجمهور هاهنا، وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا).

لذا كان عمر رضي الله عنه يشدد على هذا الشرط و كان من شدة يأمر الصحابة بطلاق نسائهم الكتابيات خشية من زواجهم من غير المحصنات (عن شقيق بن سلمة قال: تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر: خلِّ سبيلها. فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن) و (وعن عامر بن عبدالله بن نسطاس: أن طلحة بن عبيد الله نكح بنت عظيم اليهود، قال: فعزم عليه عمر إلا ما طلقها).

القول الثاني: الحرية أي يجوز لنا الزواج من حرائر أهل الكتاب و لا يجوز لنا التزوج من إمائهم و قد قال بهذا مجاهد و رجحه الطبري في تفسيره.

و أما رد بن جرير على من قال بأنهن العفائف و استدلاله ببعض آثار الصحابة و التابعين بتزويج من زنت ثم تابت فهذا لا حجة فيه لأن التوبة تجب ما قبلها و من الظلم منع التائبة من الزنا من الزواج بحجة أنها يوما من الدهر قد زنت هذا لا يقره الشرع و لا العقل أبدا فتدبر.

ثم من تاب لا يقال هو في هذه الحالة غير محصن بل هن يدخلن في المحصنات المؤمنات أي العفائف.

ثم يقال شرط العفاف شرط أصلي منصوص عليه بغير هذه الآية و مجمع عليه عليه و هو كذلك داخل في هذه الآية سواء قيل أن الإحصان يراد به العفة أو الحرية لأن العفة تدخل دخولا أوليا في لفظ آية المائدة ثم بعد يدخل شرط الحرية من باب أن اللفظ المشترك يدخل فيه جميع معانيه إن كانت غير متناقضة كما هو قول الجمهور و لا مناقضة هنا بين العفة و بين الحرية فتدبر.

و أما الزواج من الأماء فنقول إذا كانت الأمة المؤمنة لا يجوز أن يتزوجها الحر إلا إذا خشي العنت و الصبر أفضل من الزواج منها كما قال تعالى {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (25) سورة النساء فإماء أهل الكتاب يدخلن في هذه الآية من باب أولى بل لعله يحرم الزواج منهن كما هو مفهوم الآية (من فتياتكم المؤمنات) أي غيرهن من إماء أهل الكتاب لا يجوز الزواج منهن.

فنخلص إلى آية المائدة تشمل الشرطين شرط العفة و شرط الحرية و لا مناقضة الشرطين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير