تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقبل أن ندخل في عرض الآراء يجدر التنبيه إلى أمر مهم، هو أننا نتجاوز الخلاف القديم حول الإذاعة والتلفاز، ولا نناقش الرأي الرافض لهما بإطلاق، والذي يعتبرها من اللهو الباطل، أو لوجود التصوير في التلفاز.

أقول: نتجاوز ذلك إلى الرأي القائل بأنها وسائل عادية يمكن الاستفادة منها بدون تعد إلى المحظور.

حكم المشاركة في الفضائيات العربية وأشباهها:

يبدو أن المسألة لا تخرج عن رأيين.

الأول: عدم جواز المشاركة فيها.

الثاني: جواز المشاركة فيها.

وإن كان بعض أهل العلم يرى بعض التفصيل مما سنشير إليه.

وأحاول أن أعرض الآراء مجتهداًَ في سبر أدلتهم وتتبعها ما أمكن، ثم أناقشها.

أولاً: القول بعدم المشاركة:

لعل أبرز الأدلة على ذلك:-

1) أنها وسائل مؤسسة على باطل، فهي لم يقصد منها في الأصل بث الفضيلة وإعلاء كلمة الله، بل أسست لأهداف غير نبيلة، ومهما تنوعت الأهداف فإنها تكاد أن تصب في حوض واحد هو (اللهو الباطل).

وتكاد أن تتفق هذه القنوات على أن المرأة بمفاتنها وزينتها وكلامها هي الوسيلة الأقرب لجذب المشاهد والمتلقي.

كما أن الموسيقى ـ شرقيها وغربيها، وما يصاحبها من غناء ـ هي الوسيلة الأخرى للجذب.

ناهيك عن المضامين الساقطة للمادة الإعلامية، سواء كانت حواراً، أو غناءً بل خبراً، هذا إذا سلمت من موبقات الكفر.

وإذا كانت كذلك، فهذا أشبه ببؤرة فساد:

أ - وقد قال الحق سبحانه وتعالى: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " سورة الأنعام / 68.

قال الشوكاني: والمعنى إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والرد والاستهزاء فدعهم ولا تقعد معهم لسماع مثل هذا المنكر العظيم حتى يخوضوا في حديث مغاير له.

ب - وقال في صفات عباد الرحمن: " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً " الفرقان / 72.

قال الطبري في هذه الآية بعد أن ذكر أقوال المفسرين في المراد بالزور: وأولى الأقوال بالصواب أن يقال: والذين لا يشهدون شيئاً من الباطل لا شركاً ولا غناء ولا كذبا ولا غيره، وكل ما لزمه اسم الزور، لأن الله عم في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور.

ثم ذكر قريباً من هذا المعنى في تفسير اللغو.

ج - وهذه البؤرة أشبه بالمجلس الذي تنتهك فيه المحرمات، وقد روى النسائي بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس إلى مائدة يدار عليها الخمر). (ينظر فتح الباري 9/ 250).

ووجه الاستشهاد بتلك النصوص أن الفضائيات وأشباهها تتخذ من كلمة الحق ومن دعاة الحق مثار سخرية واستهزاء، وتلاعب، حيث تحشر الحق القليل بين ركام الباطل الكثيف وقد قال سبحانه وتعالى: " وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً و لهواً وغرتهم الحياة الدنيا ". الأنعام / 70.

2/ ثم إن دخول أهل الفضل ومشاركتهم فيها يضفي عليها صبغة شرعية، يحتج بها أصحابها وممولوها، والمتلقون من المشاهدين والمستمعين، مموهين بذلك على السذج من الناس.

ثانياً: القول بالمشاركة:

يستند القائلون بالجواز إلى مجموعة من الأدلة.

(1) يرى هؤلاء أنه ينبغي التفريق بين المحرم لذاته كالخمر والموسيقى وقول الزور والوسيلة إليه، فإنه ليست كل وسيلة إلى الحرام تكون حراماً بالضرورة.

قال القرافي في الفروق (الفرق 58) تنبيه: قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة كدفع مال لرجل يأكله حراماً حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه عنها إلا بذلك).

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 137): (وما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل ... وكما أبيح النظر ـ أي إلى المرأة ـ للخاطب والشاهد والطبيب).

ومن هنا فإن وسائل الإعلام والاتصال هي من هذا الباب، بل هي مباحة في أصلها، بدليل أنه لو ملكها أهل الحق واستعملوها في نشر الحق لم يكن في جوازها شبهة.

وتكون كالمنابر أو المنتديات التي تتخذ وسيلة للحوار والتبليغ.

وإذا كانت تتخذ وسيلة لإثارة الشبهات والشهوات فلا يمنع ذوي الفضل أن يزاحموا أهلها ويلجئوهم إلى نشر الحق كله أو بعضه بحسب الإمكان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير