تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشيخ عبد القادر الأرناؤوط كما عرفته]

ـ[أبو نعيم الدمشقي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:03 ص]ـ

[الشيخ عبد القادر الأرناؤوط كما عرفته]

قرأت اسم الشيخ أول مرة على كتاب جامع الأصول للإمام ابن الأثير الذي حققه و علّق عليه و عرفت أنه من المشتغلين بخدمة كتب العلم عموماً و كتب السنة و الحديث الشريف خصوصاً، ثم رأيته في جامع المحمدي بالمزة يخطب الجمعة مراراً، و كانت خطبه تستقطب جمهوراً عريضاًمتنوعاً من المستمعين، و فيهم عدد كبير من طلبة العلم و الشباب المثقف الملتزم، و بعض فضلاء الأسانيد و العلماء، و أهم ما شدني في شخصيته ثلاثة أمور:

الأول: إخلاصه الظاهر و لهجتهه الصادقة الصريحة، و نبرته التي تدل على إيمان صحيح و غيرة خالصة على هذه الأمة.

الثاني: سرده في خطبه عدداً كبيراً من الأحاديث النبوية برواية متقنة و تخريج شافٍ، يجعل المستمع على صلة بهدي النبوة بما يغذي القلوب و العقول، و هذا مما لا يكاد يجده في غيرها من الخطب.

الثالث: تناوله في خطبه ما تحتاج إليه الأمة من التعليم و الإرشاد و التوعية، فكان لا يتأخر عن تناول أي موضوع يرى فيه النصيحة و الصلاح دون إيغال في مواضيع لا تفيد جمهور المسلمين، و لا تجاهل لما يقع حولهم من أحداث و وقائع و تعرفت إلى الشيخ بعدها عن قرب و زرته مراراً في بيته بحي الميان قرب جامع الدقاق ثم قرب جامع احسن و شعرت في مجلسه بروح الأخوة الإسلاية عن طريق التعارف بين الحاضرين، و هي خصلة استمر عليها الشيخ حتى وفاته ـ ثم إمضاء الوقت و خلصة في مناسبات الأعياد بكلام نافع و نصيحة جامعة مشتقة من هدي النبوة، و في فترة أخرى حضرت للشيخ دروساً عدة في شرح ثلاثيات

مسند الإمام أحمد في الحديث للسفاريني في قبو جامع الزهراء بالمزة.و تجلى خلال الدرس عناية الشيخ أسماء الأعلام و تحديد سنيّ و فياتهم.

و كنت أرى الشيخ بين الفينة و الأخرى في مجالس الأفراح حيث كان يفيض عندما يقدم للكلام بأحاديث كثيرة قد تبلغ أحياناً العشرات فيجد السامع لها من الأثر و الواقع في النفس ما لا يجده لكلام طويل مُحبَّر مزخرف يلقيه بعض من عرفوا بحسن الكلام و جودة التعبير في مثل هذه المناسبات.

عرف الشيخ رحمه الله بكثير من الصفات التي هي من أخلاق السلف الصالح و من أهمها:

التواضع الذي كان من أبرز صفاته و إقباله على جليسه أو محدثه و اهتمامه بجميع من حوله صغاراً و كباراً.

و منها: الجهر بالحق و الأمر بالمعروف و النه عن المنكر، و هي خصلة قلّت في هذا الزمان الذي طغت فيه المجاملات و شاع النفاق للعام و الخاص و جبنت عن قوله أكثر النفوس.

و منها: الوعي لما يدور حول المسلمين من وقائع و أحداث، و لما يُخطّط لهم من قبل أعدائهم دون سذاجة أو غفلة.

و منها: العزة و العفة، و نظافة الكف و سمو النفس، في وقت تحكمت الشهوات و المغريات في نفوس الكثيرين ممن يتَزيَّون بزي العلماء.

لا أقصد بهذه العجالة أن أترجم للشيخ، فترجمته و تاريخه العلمي و أعماله و تحقيقلته متاحة للقاصدين لكني سأركز على بضعة أمور أرى ضرورة التركيز عليها:

أولاً: نشأة الشيخ في طلبه العلوم الشرعية.

التزم الشيخ عبد القادر في شبابه حلقات العالم الراحل الشيخ محمد صالح الفرفور رحمه الله، و كان يشلرك في تعليم بعض الحلقات و الطلاب خصوصاً في تلاوة القرآن الكريم التي كان يتقنها و يفوق بها أقرانه و بعض المتقدمين عليه آنذاك، و كان للشيخ غرفة في جامع فتحي في القيمرية مع أقرانه من طلاب الشيخ، و كان منذ تلك الفترة يميل إلى المناقشة و الؤال عما لم يتضح له و الاستفسار عن أدلة بعض الأحكام التي يسنعها، و هذه الطريقة لم تكن مجندة في أوساط شيوخ العلم عموماً، و كانوا يوجهون طلابهم إلى ضرورة التسليم لما يقوله الشيخ دون مناقشة، إلى أن أتى يوم رؤي فيها من جملة الكتب التي تحتويها مكتبة الشيخ عبد القادر في غرفته كتاب: الوابل الصّيّب لابن قيم الجوزية، و هو كتاب في الأذكار الثابتة في الأحاديث النبوية على غرار كتاب الأذكار للنووي، لكن الشيخ صالح رحمه الله رأى ضرورة ابتعاد الشيخ عبد القادر عن حلقته خشية من تأثره بابن القيم و مدرسته و سريان هذا التأثر إلى غيره، فكان ما كان من إبعاد الشيخ و اجتناب زملائه له إلى درجة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير