[الدعاء أو الحلف ب (يامستهزأ بمن استهزأ به)؟؟]
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[12 - 12 - 04, 01:22 ص]ـ
الإخوة الكرام ...
تحت قوله تعالى (قال فبما أغويتني لأزينن لهم ... ) الآية
انقدح في الذهن هذا السؤال: وهو هل يشرع دعاء الله بأسمائه أو أفعاله التي لا تطلق عليه
ابتداء وإنما من قبيل المشاكلة؟ (يمكر بمن يمكر به،، يستهزأ بمن يستهزأ به). الخ ....
فقد ذكر ابن كثير رحمه الله أن بعض أهل العلم قال في تفسير الآية: أنه قسم من إبليس
بإغواء الله له.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 12 - 04, 10:39 م]ـ
الأخ الكريم ..
ما ثبت أنه اسم أو صفة فإنه تسوغ فيه ثلاثة أمور:
(1) الحلف به، فيصح أن تقسم فتقول: والله (قسم باسم من الأسماء الحسنى)، أو تقول: وعزة الله .. ووجه الله (قسم بصفة ذاتية)، أو تقول: والقرآن، أوكلمات الله (وهو قسم بصفة فعلية ذاتية باعتبارين) وهذا الأخير ينعقد به القسم عند الجمهور، وقد رجح المحققون كشيخ الإسلام أن الحلف بصفات الله كالحلف به. وعليه فيصح القسم بالصفة المقيدة على أن يقسم بها مقيدة في معرض يناسبها وإلاّ قبح. وقد يفهم من كلام بعض أهل العلم التفريق بين صفات الفعل وغيرها –أشار إليه ابن حجر في الفتح- ولعله ليس بسديد. وبعض علمائنا فرق بين الصفات الخبرية التي قد تطلق ويراد بها الذات وبين غيرها، ولعله موضع جدل لايسلم فما الدليل على التفريق بين السؤال بالوجه أو الحلف به وبين غيره، وقد بوب البخاري في الأيمان باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته ولم يقيد.
(2) دعاء الله به، فيصح أن تقول: يا الله (دعاء باسم من الأسماء الحسنى)، أو تقول: أسألك بوجهك الكريم، (وهذا سؤال بصفة ذاتية)، أو تقول: أعوذ برضاك (وهذه استعاذة وهي من جملة الدعاء وقد وردت بصفة فعلية اختيارية).
(3) التوسل إلى الله به، فيصح أن تقول أسألك بأنك أنت الله (توسل باسم من الأسماء الحسنى)، أو تقول: أتوسل إليك بعزتك، أو تقول: برحمتك أستغيث، أو تقول: اللهم إني أتوسل إليك بحيائك من أن ترد كفي صفراً.
تنبيهات مهمة:
1 - ما جاء من ذكر الله جل وعلا على سبيل الإخبار لا الوصف أو التسمية، فإنه يجوز القسم به وسؤال الناس به، كما في حديث الصحيحين قال الملك: "أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن"، "أسألك بالذي رد عليك بصرك"، وقول علي رضي الله عنه في الصحيح لا والذي برأ النسمة وفلق الحبة، وذلك لأن الخبر عائد على الله وهو صحيح، وكذلك قد يجوز التوسل به إن كان سائغاً كأن يرجع إلى عمل صالح وعلى هذا خرج بعض أهل العلم الأثر: "أسألك بحق السائلين" فمن قال إن للسائلين حق أحقه الله على نفسه سوغ توسل السائل به لكونه من جملة أصحاب الحق.
2 - دعاء الله بغير الأسماء الحسنى والصفات العليا وإن صح الإخبار به فموضع نظر لاينبغي –والله أعلم- وهو مما شاع عند كثير من أئمتنا ومشايخنا الفضلاء.
3 - المقيد من الأسماء الحسنى بالاقتران (كالضار والنافع)، والمقيد من الصفات بقيد (كوصفك الله بأنه يخدع من يخادعه) لايدعى به إلاّ مقيداً.
وعليه فلو دعا داع: اللهم يامن تمكر بمن يستحق المكر أمكر بالغزاة الصلبيين في أرض الرافدين وق المسلمين شر مكرهم. فلعله لاحرج عليه.
ولو دعا داع فقال اللهم يامن تستهزئ بمن يستهزئ بك وبشرعك عليك (بهؤلاء) المستهزئين. فلعله لا حرج.
والله أعلم.
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 10:20 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي المبارك
وننتظر مشاركة باقي الإخوة.
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 04, 08:08 م]ـ
فائدة:
من منع الدعاء أو القسم أو التوسل بصفات الفعل (من أشار إلى قوله ابن حجر في الفتح) لعله بناه على ما أشكل عند المتأخرين من قول بعضهم: ليس لله فعل قائم به، بل فعله هو المفعول المنفصل، فليس خلقه إلاّ مخلوقه.
وجمهور المسلمين يقولون إن أفعال الله قائمة به، فالخالق غير الخلق، وإذا خلق الله لمحل ما علماً أو قدرة أو حركة، كان ذلك المحل هو العالم بما خلقه الله له أو القادر بما خلقه الله له، أو المتحرك بما خلقه الله له.
ولايجوز أن يقال بأن الرب صار عالماً بذلك العلم المخلوق ..
والخلاصة أن من طرد القاعدة وهم جمهور أهل السنة وقال إن الأفعال قائمة به، ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه، وفرق بين الخلق مثلاً والمخلوق، لن يقع في هذا الإشكال. [يراجع في ما سبق اقتضاء الصراط المستقيم 419 - 420 فالمعنى مستنبط من هناك].
ومن هذا القبيل استعاذة الله بعفوه ومعافاته، ولهذا يظهر أن من فرق (من أجلة علمائنا) بين الصفات الخبرية التي تطلق ويراد بها الذات وبين غيرها، فتفريقه محل نظر والله أعلم وأحكم.