تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا النص يدل على أن الذهبي لم يعتن ببيان كل الواهيات، وإنما اعتنى بالتعليق على بعضها، وخاصة الموضوعات. ألا ترى أنه ذكر أن ربع الكتاب مناكير وواهيات، في حين أنه لم يتعقب إلا قدر ثمن الكتاب، حيث إن عدد أحاديث الحاكم يبلغ (9045)، وعدد تعقبات الذهبي (1182) حديثاً، في حين أن ربع أحاديث كتاب الحاكم هو (2261)، وهذه الإحصائية مستفادة من مقدمة تحقيق مختصر استدراك الذهبي لابن الملقن (8/ 9)، وبناءً على ذلك فإن الذهبي كان يعلم بوجود ضِعْفِ الأحاديث التي تعقبها في المستدرك من الواهيات، وقد سكت عنها؛ فهل يصح أن نعتبر سكوته بعد ذلك إقراراً؟ بل إن ربع المستدرك عند الذهبي -سوى الربع الأول-، أحاديث ظاهرها الصحة، ولها علل خفية تقدح في صحتها، وعلى هذا: فالذهبي كان يعلم أنه لم يتعقب إلا قدر ربع الأحاديث المنتقدة عنده هو، فكيف يعتقد أن سكوته إقرار وموافقة بعد ذلك؟!!

ومما يشهد لذلك أيضاً: انتقاد الذهبي لغيرما حديث في المستدرك، في غير المختصر من كتبه الأخرى، مع سكوته عنه في المختصر، ومن ذلك:

(1) فلما صحح الحاكم حديثا (1/ 544 - 545)، وسكت عنه الذهبي في المختصر، ذكره في الميزان (1/ 136 رقم 547) حاكماً عليه بالبطلان، ثم قال: "قال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: كلا. قال: فرواته كلهم مدنيون. قلت: كلا. قال: ثقات. قلت: أنا أتهم به أحمد".

(2) وصحح الحاكم حديثاً آخر (2/ 545)، وسكت عنه الذهبي في المختصر، لكنه قال في الميزان (3/ 179 رقم 6042):"صححه الحاكم، وهو حديث منكر كما ترى".

(3) وصحح الحاكم حديثاً ثالثاً (2/ 493)، وسكت عنه الذهبي في المختصر، وقال في العُلُو للعلي العظيم (1/ 593 رقم 146): "شريك وعطاء فيهما لين، لا يبلغ بهما رد حديثهما، وهذه بلية تحير السامع، كتبتها استطراداً للتعجب، وهو من قبيل اسمع واسكت".

وبعد هذا كله، لئن أصرَّ من فرط منه رأي سابق في هذه المسألة، على أن سكوت الذهبي عن تعقب الحاكم إقرار منه وموافقة، أقول له: ما قيمة هذا الإقرار؟ وقد صرح الذهبي بأن مختصره للحاكم يعوزه عمل وتحرير، كما في السير (17/ 176)، وبلغ هذا الإعواز إلى حد أنه لم يتعقب إلا نحو ربع ما يستحق التعقب عنده. إن الإصرار على ذلك الرأي إن هو إلا شين للذهبي لا زين، وتمسك بحبل رث غير متين!!!

وهذا التقرير بأدلته -لا شك- أنه أولى من تقليد بعض أهل العلم، الذين اعتبروا مجرد سكوت الذهبي إقراراً، كالسيوطي في النكت البديعات (197)، والمناوي في فيض القدير، والحسيني في البيان والتعريف، وغيرهم من العلماء المعاصرين.

والله أعلم، والحمد لله وحده، - وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتقى حده-.

قرأت في كتاب محمد المقدم (المهدي وفقه أشرط الساعة)، أن البعض قد أنكر المهدي؛ لكون أحاديثه أحاديث آحاد، ولكنه لم يذكر هذا البعض، وقد رجعت لكلام (رضا آل محمود، أحمد أمين، وجدي)، ولم أعثر على هذه الشبهة لديهم، سؤالي من قال بهذه الشبهة؟ وأين ذكر ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

عن منكري أحاديث المهدي، فأقول (وبالله التوفيق): إن منكري أحاديث المهدي طوائف مختلفة، وأسباب إنكارهم لها مختلفة، وهم مخطئون في ذلك ولا شك، ولا شك أن من فرق المسلمين من ادعوا عدم الاحتجاج بأخبار الآحاد مطلقاً، ومن هؤلاء المعتزلة قديماً، وبعض أدعياء العقلانية أو القرآنية حديثاً، وهؤلاء كلهم سيردون أحاديث المهدي لهذا البناء الفاسد الذي لديهم، على أن من العلماء مَنْ وصف أحاديث المهدي بالتواتر، لكن المهم أن أحاديث المهدي منها ما هو ثابت، واعتقاد ظهوره مما أجمع عليه عامة أهل السنة والجماعة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

متى يحكم طالب العلم المتخصص في علم الحديث على حديث ما بالصحة

أو الضعف؟ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه، أما بعد:

فأقول وبالله التوفيق:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير