تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقاطعة في تلك الفترة.

و قد حدثني الشيخ كما حدث كثيرين غيري عن تفاصيل تلك الفترة من حياته، و هو مع ذلك لم يكن يحمل حقداً على أحد، لكن هذه الوقائع العلمية يجب يجب استخلاص الدروس و العبر منها، لأنها لا تخفصّ أشخاصاً بأعيانهم بل هي ملك للأمة التي تريد أن تعتبر بدروس الماضي لتعرف أفضل السبل في شق مناهج المستقبل ,كما أن الوقائع التاريخية يجب أن تذكر كما هي من غير تحريف و لا تبديل، و خاصة في تراجم الرجال.

و إن الكذب و التحريف في سير الرجال عموماً من أبشع ما يقترف على أيدي من ينصّبون أنفسهم أوصياء على التأريخ و التراجم، و يجب أن يتصدى بعض العارفين المخلصين لإعادة الكتابة في تاريخ علماء دمشق خصوصاً بموضوعية و تجرد.

و قد تاثر الشيخ في شبابه بالاستاذ الفاضل عبد الرحمن الباني و خاصة في سموّ أخلاقه و دعوته لالتزام أخلاق السلف الصالح و طريقتهم، و كان لهذا الأستاذ أكبر الأثر في صياغة شخصية الشيخ ـ كما ذكر ذلك لي ـ خلافاً لما يتوهمه الكثيرون من تأثره بالشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله الذي كان الشيخ عبد القادر يأخذ عليه شدته في كثير من القضايا و يخالفه في العديد من الأقوال التي يصرح بها.

ثانياً: اشتغال الشيخ بتحقيق الكتب و تصحيحها.

و ابتدأت هذه المرحلة بعمل الشيخ بتصحيح الكتب و إعدادها للطباعة لدى المكتب الإسلامي لصاحبه الأستاذ زهير الشاويش و أكسب هذا العمل الشيخ اطلاعاً واسعاً على المكتبة الإسلامية و خبرة بتحقيق النصوص، و لم يذكر الشيخ أو غيره من العاملين في كثير من الكتب التي عمل بها في هذه الفترة، على عادة الناشرين من إغفال جهود العاملين الحقيقيين في الكتب و قد تنسب الأعمال أحياناً لغير من يعمل بها، و هذا مخالف للأمانة العلمية و الإنصاف، و مجافٍ لروح العلم الذي لا يجوز فيه التعامل مع كتب العلم على طريقة المجموعات (الورشات) فلا ينسب الزلل إلى مرتكبه و لا الصواب إلى صاحبه.

و هنا يجب التنبيه لأمر ضروري، و هو أن بعض من يشتغل بالتصحيح و التحقيق في دور النشر يتخذ هذا العمل مجرد مهنة يتكسب منها، دون أن يكون له مبدأ ينطلق منه، أو فكرة يثوب إليه و يسعى لنشره، و ما ثَمَّ إلا الدراهم.

و إن الشيخ رحمه الله أبعد ما يكون عن هؤلاء، فهو و إن استفاد من هذا العمل في حياته لكنه كان صاحب دعوة و رجل عقيدة، عرف هذا كل من جالسه أو استمع إليه و لو مرة واحدة.

ثالثاً: اختياراته الفقهية للفتوى.

اطلع الشيخ رحمه الله على الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة اطلاعاً واسعاً فقد تفقه في شبابه على مذهب أبي حنيفة رحمه الله، و صحح عدداً من كتب الفقه الحنبلي في المكتب الإسلامي، و بعض كتب الفقه الشافي،كالروضة للنووي، كما اعتنى بكفاية الأخيار للحصني و كان يراجع دائماً في المغني لابن قدامى المقدسي.

و قد سبب هذا الاطلاع اختيار الشيخ للفتوى في بعض المسائل على خلاف المشهور في المذاهب الأربعة، مما جعل بعض معاصريه ينكرون عليه و يحملون عليه حملة شديدة و خاصة فيما يتصل بمسائل الطلاق.

و الذي ينبغي ذكره و التنبيه عليه في هذا المقام ما يلي:

1. سواء اتفقنا مع الشيخ أم اختلفنا في الفتوى ببعض المسائل الفقهية لكنه لا يجوز أن يختلط علينا الأمر بين من يرى رجحان بعض المسائل على بعض في الفه الإسلامي منطلقاً من نزعة اجتهادية مخلصة وميل للبحث في الأدلة مبتغياً في ذلك رضى الله عز وجل و نصيحة الأمة و الغيرة على الحق في كل عصر و مصر , وبين من يهدف إلى التحلل من قيود الشرع الإسلامي متستراً بالعوة إلى الاجتهاد والتجديد , وهو في الحقيقة مارق متحلل لا دين عنده يردعه , ولا غيرة تمنعه.

ومن المفاهيم الملتبسة في أذهان الكثير في حذا العصر التباس المتحللين بالمخلصين , بل إن المتحللين يلبسون على الناس دعواهم و يستشهدون بأمثال الشيخ ممن يختار الأقوال في الفقه الإسلامي ليوهموا الناس أنهم من هؤلاء المخلصين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير