وأما بالنسبة إلى تخفيف العذاب عن الكافر فقد مر معنا قول ابن حجر في ذلك واستدلاله بالآية، والأصل في ذلك تلك الآية بالإضافة إلى بعض الأحاديث الصحيحة ومنها ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت: (يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟
قال: (لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين).
فهذا هو الأصل وقد قال محمد بن علوي المالكي نفسه (شرح منظومة الورقات) (ص28) في باب النهي:
(الكفار داخلون في الخطاب بجميع فروع الشريعة فهم مخاطبون بها مع انتفاء شرطها وهو الإسلام فيعذبون حينئذ على أمرين: على ترك الفروع وعلى ترك الإسلام الذي بدونه فروع الشريعة ممنوعة لا تصح وكونهم مخاطبين بالفروع إلا أنها لا تصح منهم إذا فعلوها إلا بالإسلام) اهـ.
أما تخفيف العذاب عن أبي طالب فإنه مستثنى من هذا الأصل وذلك بسبب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما مر معنا وباعتراف المالكي!
7 ـ الشبهة السابعة: قول الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض) رواه أبو داود.
استدل بهذا محمد المالكي في " حول الاحتفال " (ص14) حيث قال: (يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في ف يوم الجمعة، وعدّ مزاياه: وفيه خلق آدم تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين.
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة، شكراً للنعمة، وإظهاراً لمزية النبوة وإحياءً للحوادث التاريخية… الخ).
الجواب: أولاً: يفهم الجواب مما سبق.
ثانياً: قال العلامة ابن منيع حفظه الله في " حوار مع المالكي" (ص87):
(قد جاءت النصوص الشرعية الصريحة لثابتة بفضل يوم الجمعة، واعتباره أحد أعياد المسلمين، واختصاصه بخصائص ليست لغيره، فنحن نقف مع النصوص الشرعية حيث وقفت، ونسير معها حيث اتجهت: (ومآ آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ولا نبيح لأنفسنا أن نشرع تفضيل يوم بعينه، لم يرد النص بتفضيله، إذ لو كان خيرا لشرع لنا تفضيله، كما شرع لنا تفضيل يوم الجمعة (وما كان ربك نسياً).
ولو جاءت نصوص شرعية تنص على فضل يوم ذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنا بتوفيق الله وهدايته أسرع الناس إلى اعتبار ذلك والأخذ به، امتثالا لقوله تعالى: (ومآ آتاكم الرسول فخذوه)) اهـ.
ثالثا ً: قال العلامة التويجري رحمه الله في (الرد القوي) (ص82):
(ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخص يوم الجمعة بشيء من نوافل الأعمال وقد نهى عن تخصيصه بالصيام وعن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم).
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص يوم الجمعة بشيء من نوافل الأعمال من أجل آدم عليه السلام قد خلق فيه فأي متعلق لابن علوي وغيره في ذكر ذلك الاستدلال به على جواز الاحتفال بالمولد) انتهى بتصرف.
رابعاً: قال علي العيسى في (العقلية الإسلامية وفكرة المولد) (ص64 – 65): (ثم لماذا نهى رسول اله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة تطوعاً وحده؟ ولماذا لم يقل إثر إخباره أو فيما بعد: فأقيموا لأبيكم وأبي عيد وجود، أو حلقة ذكر بمناسبة الذكرى نتدارس فيها نعم الله على خلقه، ونذكر فيها العامة، وتكون سنة لمن بعدنا؟ كما يقول بما يشبه هذا بعض المتأخرين.
وهل يمكن أن يجرؤ الشك على أن يوحى لنا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم ذا الخلق العظيم محبته لأبيه آدم عليه السلام قاصرة أو معدومة؟) انتهى بتصرف.
خامساً: أما بالنسبة لقول المالكي: (ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه، بل يكون ل خصوصا ولنوعه عموما).
¥