تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأمّا ثاني اختراعاته: فهو شيخه " الرواس " الذي لا وجود له، كما قال الأستاذ الكبير والكاتب الشهير مُسندُ حلب ومؤرّخها الشيخ محمد راغب أفندي الطبّاخ في كتابه "إعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء" (7 ـ331): ((وزاد الشيخ أبو الهدى في الطنبور نغمةً أنه طبع عدَّة كتب نسبها لبعض المتقدمين، ولشيخه الشيخ مهدي الرواس، الذي لا وجود له إلا في مخيلته، .... ولا رَيبَ أنَّ في إقدامه على هذه المفتريات، ووضعه لهذه الأكاذيب جرأة عظيمة، وإنّا ـ وايم الله ـ لنأسفُ على ذكائه المفرط، وسعة مداركه، وفضله الجمّ، وما أوتيه من واسع الجاه، ورفيع المكانة لدى السلطان عبد الحميد، أن يصرِفَ ذلك في ترويج بضاعته، ونفاق سلعته، بحيث قضت أحواله وأطواره أن يسيءَ الناسُ الاعتقاد بمن تقدّم، ويقيسوا الحاضِرَ على الغائب)). انتهى

وقال في نفس الترجمة: ((الشيخ محمد أبو الهدى الصيادي مع اعترافنا بفضله ووفور ذكائه ليس بثقة، فلا يُعتمد على التراجم والأنساب التي ذكرها في مؤلّفاته إذا انفرد بها، فإنّ فيها أكاذيبَ كثيرة، وأموراً واهية، ولعمري إنه لو كان في زمن تدوين الحديث النبوي لَعُدَّ في مقدّمة الوضّاعين)) انتهى

وقال الشيخ عبد الحفيظ الفاسي ـ وهو من علماء الصوفية في المغرب ومعاصر للصيادي واجتمع به وأجازه ـ في كتابه "رياض الجنة أو المدهش المطرب" صفحة: (144ـ155) أثناء ترجمته للصيادي: ((قلتُ وأمر الروّاس هذا مُشكلٌ جداً، فإنّ المترجَم ـ أي الصيادي ـ لمّا ذكَرَهُ في كتابه "قلادة الجواهر" وَصَفَه بأوصافٍ عالية في العلم والعرفان، وقال: إنه شيخُ العصر علماً وعملاً، وزهداً وأدباً، ونسَبَ له مؤلفات ودواوين شعرية وطَبَعَها، وقال: إنه كان خاملاً، لايستقرّ في بلدٍ، ويتعيّش من بيع الرؤوس المطبوخة. ومِنَ البعيد أنْ يكونَ كما ذَكَرَهُ، ولا يَعْرِفُه أحدٌ أصلاً عدا المترجَم! لأنَّ العلمَ من شأنه الظهور، ولو أخفى نفسَه الإنسان وأخملها، فإنَّ زكيَّ عبيره لا بدّ أن يستنشقه الناس.

وَهَبْ أنه كان خاملاً، فإن الناس لا محالة يعرفونه، فيذكرونه خاملاً حقيراً، أو ينكرون فضله وعِلْمه. ومؤلّفات النبهاني مملوءةٌ حتى بالمعتوهين، ومن لا يُعْرَفُ لهم اسمٌ ولا محل، والحالةُ أنه لا وجود لمن ذكَرَه أوعرفه ـ لا كونه شيخَ العصر وشاعره، ولا كونه أميّاً جاهلاً أو خاملاً ـ إلا المترجَم في مؤلفاته، وأتباعه كعبد القادر أفندي قدري في كتابه "الكوكب المنير"، وأحمد عزة باشا الموصلي في كتابه "العقود الجوهرية" و أمثالهما، ممن يستقي من بحره.

وإقدامُ المترجَم ـ يعني الصيادي ـ على اختلاق وجوده وأخباره ومؤلفاته وأشعاره، إن صحَّ، ممَّا يُستغرَبُ صدوره منه)) انتهى كلام الشيخ عبد الحفيظ الفاسي.

وذكر الأستاذ الشيخ محمد سليم الجندي مفتي معرّة النعمان وحمص ـ وهو أيضاً معاصر للصيادي ـ في كتابه "تاريخ معرّة النعمان" (2 ـ 215ـ229) عند ترجمته لأبي الهدى الصيادي: ((وأكثرُ الناس يزعمون أنّ الروّاس شخصٌ موهومٌ، لا حقيقة له، اخترعه أبو الهدى الصيادي وأضاف إليه أقوالاً وأعمالاً)) انتهى

وأمّا ثالث اختراعاته ـ أي الصيادي ـ فهي الكتب والدّواوين الشعريّة التي نسبها لنفسه أو لشيخه الروّاس، فقد ذكر الدكتور نزار أباظة في كتابه "جمال الدين القاسمي": أنّ الشيخ توفيق الأيوبي كان له شأنٌ مع أبي الهدى الصيادي، وأعانه فيما يُعزى إليه من كتب.

((ولم يكتف أبو الهدى بذلك بل كان يَسْتكتبُ الكتب، وينسبها إلى مؤلفين مشهورين،من ذلك ما كتبه الشيخ محمد راغب الطبّاخ إلى صاحب "معجم المطبوعات العربية" (3:2 من المستدرك) قال:

إن كتاب (غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلويّة) ليس لتاج الدّين بن محمد حمزة بن زهرة الحسيني نقيب أشراف حلب، بل هو من وضع الشيخ محمد أبي الهدى الصيّادي، وقد نسبه إلى تاج الدين المذكور، وسببُ وضعه له ما كان من المنافرة بينه وبين السيد سليمان الكيلاني نقيب أشراف بغداد، وقد أثبتَ ـ يعني الصيادي ـ في هذا الكتاب نِسبَة الشيخ أحمد الرّفاعي إلى البيوتات العلوية، وطعنَ في الكتاب الثاني المطبوع مع هذا الكتاب وهو "مختصر أخبار الخلفا" لابن الساعي بنسب الشيخ عبد القادر الكيلاني، وأنّ أكابره أصلُهم من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير