وما قد يظهر منه منع التبرع ببعض الأعضاء، كحديث: (كسر عظم الميت ككسر عظم الحي) يجاب عنه بأن أخذ العضو من جسم الميت لا ينافي حرمته وتعظيمه؛ فهو يؤخذ من جسم الميت بعناية في عملية جراحية كما لو كان حياً، وحينئذ لا يعتبر هذا تمثيلاً أو تشويهاً وإهانة، بل الإنسان بعد موته ليس لديه أهلية تملك فإن ماله ينتقل إلى ورثته، وقد جعل الله لأولياء المقتول: القصاص أو العفو أو أخذ الدية أو بعضها في قوله تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة:179]. وقوله "فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ" [البقرة:178]. فبمجرد حصول القتل ينتقل حق القتيل من قاتله في الدنيا إلى أولياء المقتول؛ يتصرفون في حق ميتهم بما يرونه مصلحة لهم وله على السواء، والمصلحة الدينية والدنيوية إذا كانت متعدية ونفعها عاماً هي أعظم عند الله وعند خلقه.
وعلى هذا فإن التبرع بالعضو جائز سواء كان في الحياة أو بعد الموت بوصية منه أو تصرف من أولياءه بعد وفاته.
وإذا كان الأمر كذلك فإن إعادة العضو المقطوع في حد شرعي كاليد المقطوعة في السرقة تجوز ما دامت ممكنة بعملية جراحية، سواء كانت يد صاحبها أو غيره؛ لأن قصد الشارع من إقامة الحد على السارق أن ينكل به فلا يعود بعد أن أحس بألم القطع، وظهرت لعامة الناس بسببه العظة والعبرة "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [المائدة:38]. والشارع الحكيم لا يتشوف أبداً إلى التشنيع أو التشهير قبل الحدث أو بعده، وإنما أجاز مشاهدة إقامة الحد فقط "وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [النور:2].
والحدود الشرعية مطهرات لأصحابها، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لما سمع قائلاً يقول لشارب خمر أقيم عليه الحد أخزاك الله قال: "لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان" ولما سب أحد الصحابة ما عزا الأسلمي لما أقيم عليه حد الرجم قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لقد تاب توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت". وفي رواية: (لقد رأيته بين أنهار الجنة ينغمس فيها". ومن رحمة الله أن جعل الحدود كفارة لأصحابها ففي حديث عبادة بن الصامت عند البخاري": ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه". ولا يسعى أو يستشرف الإسلام إلى التشهير وهو يجد للستر على المذنب منفذاً، ففي الحديث الصحيح: "من أتى شيئاً من هذه القاذورات –الذنوب- فليستتر، فإن من أبان لنا صفحة عنقه أقمنا عليه الحد".
وإذا كان الشارع الحكيم لا يحب التشهير ولا الإشاعة التي تنتج ضرراً فإنما يكتفي بالحد المقرر للذنب، ولا يجوز تجاوزه –إذا كان الأمر كذلك -فإن إعادة اليد المقطوعة في السرقة جائز شرعاً؛ لحصول الحد المقرر والحكمة منه "نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [المائدة:38].
هذا ما ظهر لي في هذه المسألة المذكورة في السؤال وهي من النوازل والمستجدات في هذا العصر. فإن وفقت فمن الله وإلا فمن نفسي والشيطان. والله أعلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=110658
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[25 - 08 - 06, 02:13 ص]ـ
هناك فتوى للجنة الدائمة أو مجمع الفقه الإسلامي بالمنع من إعادة العضو المقطوع في حدٍ من الحدود.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[25 - 08 - 06, 02:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الاحبة:
الاترون أن مثل هذا يدخل على مقاصد الشريعة من أنها زواجر وجوابر.
وزجرها للنفس والغير فإن لم يتحصل المقصود فهل يبقى له معنى؟.
ـ[أبو محمد سيف]ــــــــ[25 - 08 - 06, 07:46 ص]ـ
السلام عليكم:
فتوى الشيخ فيها نظر.
فهذا رفع لأثر حد شرعي ثبت بالنص فكيف يكون الرفع بالإستحسان؟؟
ثانيا: من قال أن المقصود من الحد الإيلام؟
هذا مردود بل هو باطل لأن الله تعالى لو قصد مجرد الإيلام وهو الرحيم بعباده: لجلد اليد أو آلمها بأي أمر آخر!!!!!!!
ثالثا: هذا باب شر عظيم لأنه سيأتي آخر ويقول: مقصود الرجم الإيلام وثاني يقول مقصود العين بالعين الإيلام فنردها وتعطل الشريعة.
رابعا:من الذي نصص على هذه العلة (علة الإيلام) وحصر حد الشرع فيها؟؟؟
اللهم نسألك التوفيق والسداد.
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 01:36 م]ـ
هذا بحث طبعته قديما باسم (زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاص) للشيخ تقي الدين العثماني
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=982
والله الموفق ...
ـ[أبو محمد سيف]ــــــــ[26 - 08 - 06, 08:07 ص]ـ
بارك الله فيك أخي العوضي
¥