2 - وبعضهم يضيف عابرا كما عند الطبري أو عاثرا كما عند ابن كثير -إلا أنه في البداية والنهاية وافق الطبري- أو عادا كما عند القرطبي قبل إرم، وأنهما أخوان لثمود.
3 - أنهما من ولد لاوذ بن إرم بن لاوذ بن سام بن نوح.
وأنهم كانوا بشرا كثيرا يملأون عمان والبحرين واليمامة، و آخر ملك لهم يدعى عِمليقا، أو عملوقا، ويضيف ياقوا فيقول: هو عمليق بن حياش. وذكروا ظلمه واستباحته لأعراض جديس وأموالهم. مما سبب سخط جديس وقتلهم لهذا الملك الظالم على يد الأسود بن غفار، وواصلوا حملتهم حتى أبادوا طسما كلها ولم يبق منهم إلا رجل يقال له رياح أو رباح بن مرة، والذي مضى إلى ملك اليمن يستنصره.
وتفصيل قصته أن ملكهم كان جائراً ظلوماً، وبلغ من عتوه أن أمر ألا تزف إمرأة من جديس إلى زوجها إلا بدؤوه بها، فمكثوا بذلك دهراً طويلاً.
وسبب هذا القرار الجائر فيما ذكره ياقوت انه احتكم إليه رجل وامرأة في مولود بينهما، فقال الزوج واسمه قابس - وفي رواية ماشق -: أيها الملك أعطيتها المهر كاملاً ولم أصب منها طائلاً إلا ولداً جاهلاً، فافعل ما كنت فاعلاً! فقالت الزوجة واسمها هزيلة: أيها الملك هذا ولدي حملته تسعاً ووضعته دفعاً وأرضعته شبعاً، ولم أنل منه نفعاً، حتى إذا تمت فصاله واشتدت أوصاله أراد زوجي أخذه كرهاً وتركي ولهى! فقال الزوج: إني حملته قبل أن تحمله وكفلت أمه قبل أن تكفله! فقالت الزوجة: إنه أيها الملك حمله خفاً وأنا حملته ثقلاً، ووضعه شهوةً وأنا وضعته كرهاً! فلما رأى عمليق متانة حجتها تحير، ورأى أن يجعل الغلام في جملة غلمانه حتى يتبين له الرأي فيه، فقالت له هزيلة:
أتينا أخا طسمٍ ليحكم بيننا فأظهر حكماً في هزيلة ظالما
ندمت وكم أندم وأنّى بعثرتي وأصبح بعلي في الحكومة نادما
فلما سمع عمليق ذلك غضب على نساء جديس، وأمر أن لا تزوج بكر من نساء جديس حتى تدخل عليه فيكون هو مفترعها! فلقوا من ذلك ذلاً.
ولها رواية أخرى وهي:
أتينا أخا طسم ليحكم بيننا فأنفذ حكماً في هزيلة ظالما
لعمري لقد حكمت لا متورعاً ولا كنت فيما تبرم الحكم عالما
ندمت ولم أندم وأنى بعثرتي وأصبح بعلي في الحكومة نادما
ثم إن رجلاً من جديس تزوج عفيرة بنت غفار أخت الأسود بن غفار عظيم جديس وسيدها، فلما كانت ليلة الزفاف أخرجت لتحمل إلى الملك والقينات حولها يضربن بمعازفهن ويقلن:
ابدي بعمليق وقومي واركبي وبادري الصّبح بأمرٍ معجب!
فسوف تلقين الذي لم تطلبي وما لبكرٍ دونه من مهرب!
فأدخلت على عمليق فامتنعت عليه، ثم غلبها، فخرجت إلى قومها في دمائها رافعة ثوبها عن عورتها، وهي تقول:
أيجمل أن يؤتى إلى فتياتكم وأنتم رجالٌ فيكم عدد الرّمل؟
فَلَو أَنَّنا كُنّا رِجالاً وَكُنتُمُ نِساءً لَكُنّا لا نَقَرُّ عَلى الذُلِّ
فَبُعداً لِبَعلٍ لَيسَ فيهِ حَمِيَّةٌ وَيَختالُ يَمشي مِشيَةَ الرَجُلِ الفَحلِ
فدبّوا إليهم بالصّوارم والقنا وكلّ حسامٍ محدث الأمر بالصّقل
ولا تجزعوا للحرب قومي فإنّما يقوم رجالٌ للرّجال على رجل!
ولها رواية أخرى قريبة منها ولكنها أتم وهي:
أَيُحملُ ما يؤتى إلى فتياتكم وَأَنتُم رِجالٌ فيكم عدد النملِ
وتصبح تمشي في الدماء عفيرة جهاراً وزفت في النساء إلى بعل
وَلَو أَنّنا كنّا رِجالاً وكنتمُ نِساءً لكنّا لا نقرّ بذا الفعلِ
فَموتوا كِراماً أَو أَميتوا عدوّكم وَدبّوا لنارِ الحربِ بالحطبِ الجزلِ
وَإِلّا فخلّوا بَطنَها وتحمّلوا إِلى بلدٍ قفرٍ وَموتوا من الهزلِ
فللبين خيرٌ من تمادٍ على أذىً وللموت خيرٌ من مقام على الذلِّ
وَإِن أنتمُ لَم تغضبوا بعدَ هذهِ فَكونوا نساءً لا تعبّ من الكحلِ
وَدونكمُ طيب العروسِ فإنّما خُلقتم لأثوابِ العروس وللنسلِ
فَبُعداً وسُخفاً للّذي ليس دافعاً وَيَختال يَمشي بيننا مشية الفحلِ
ونسبت الأبيات لهزيلة الجديسية، المتقدم ذكرها. وفي البدء والتاريخ أن عفيرة قالت:
لا أحد أذل من جديس أهكذا يفعل بالعروس
وزاد بعض الرواة:
يَرضى بِهذا يا لقومي حرّ أُهدى وَقَد أعطى وَسيق المهرُ
لأخذةُ الموتِ كذا لنفسه خيرٌ من أن يفعل ذا بعرسِه
¥