تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ بِالسَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ فَقَطْ وَلَهُمْ اصْطِلَاحَاتٌ فِي عَدَدِ شُهُورِهَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ طَبِيعِيَّةً فَشَهْرُهَا عَدَدِيٌّ وَضْعِيٌّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ الْقَمَرِيَّةَ لَكِنْ يَعْتَبِرُ اجْتِمَاعَ الْقُرْصَيْنِ وَمَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ هُوَ أَكْمَلُ الْأُمُورِ وَأَحْسَنُهَا وَأَبْيَنُهَا وَأَصَحُّهَا وَأَبْعَدُهَا مِنْ الِاضْطِرَابِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْهِلَالَ أَمْرٌ مَشْهُودٌ مَرْئِيٌّ بِالْأَبْصَارِ. وَمِنْ أَصَحِّ الْمَعْلُومَاتِ مَا شُوهِدَ بِالْأَبْصَارِ وَلِهَذَا سَمَّوْهُ هِلَالًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَدُلُّ عَلَى الظُّهُورِ وَالْبَيَانِ: إمَّا سَمْعًا وَإِمَّا بَصَرًا كَمَا يُقَالُ: أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ وَأَهَلَّ بِالذَّبِيحَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ وَيُقَالُ لِوَقْعِ الْمَطَرِ الْهَلَلُ. وَيُقَالُ: اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ إذَا خَرَجَ صَارِخًا. وَيُقَالُ: تَهَلَّلَ وَجْهُهُ إذَا اسْتَنَارَ وَأَضَاءَ. وَقِيلَ: إنَّ أَصْلَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ. ثُمَّ لَمَّا كَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ سَمَّوْهُ هِلَالًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: يُهِلُّ بِالْفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرُ وَتَهَلُّلُ الْوَجْهِ مَأْخُوذٌ مِنْ اسْتِنَارَةِ الْهِلَالِ. فَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَوَاقِيتَ حُدِّدَتْ بِأَمْرِ ظَاهِرٍ بَيِّنٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ وَلَا يَشْرَكُ الْهِلَالَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الَّذِي هُوَ تَحَاذِيهِمَا الْكَائِنُ قَبْلَ الْهِلَالِ: أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِحِسَابٍ يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ مَعَ تَعَبٍ وَتَضْيِيعِ زَمَانٍ كَثِيرٍ وَاشْتِغَالٍ عَمَّا يَعْنِي النَّاسَ وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَرُبَّمَا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ وَالِاخْتِلَافُ. وَكَذَلِكَ كَوْنُ الشَّمْسِ حَاذَتْ الْبُرْجَ الْفُلَانِيَّ أَوْ الْفُلَانِيَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُدْرَكُ بِالْأَبْصَارِ. وَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِالْحِسَابِ الْخَفِيِّ الْخَاصِّ الْمُشْكِلِ الَّذِي قَدْ يُغْلَطُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْإِحْسَاسِ تَقْرِيبًا. فَإِنَّهُ إذَا انْصَرَمَ الشِّتَاءُ وَدَخَلَ الْفَصْلُ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الصَّيْفَ وَيُسَمِّيهِ النَّاسُ الرَّبِيعَ: كَانَ وَقْتُ حُصُولِ الشَّمْسِ فِي نُقْطَةِ الِاعْتِدَالِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْحَمَلِ. وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ فِي الْخَرِيفِ. فَاَلَّذِي يُدْرَكُ بِالْإِحْسَاسِ الشِّتَاءُ وَالصَّيْفُ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاعْتِدَالَيْنِ تَقْرِيبًا. فَأَمَّا حُصُولُهَا فِي بُرْجٍ بَعْدَ بُرْجٍ فَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِحِسَابٍ فِيهِ كُلْفَةٌ وَشُغْلٌ عَنْ غَيْرِهِ مَعَ قِلَّةِ جَدْوَاهُ. فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوَاقِيتِ حَدٌّ ظَاهِرٌ عَامُّ الْمَعْرِفَةِ إلَّا الْهِلَالُ. وَقَدْ انْقَسَمَتْ عَادَاتُ الْأُمَمِ فِي شَهْرِهِمْ وَسَنَتِهِمْ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةِ. وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ: إمَّا أَنْ يَكُونَا عَدَدِيَّيْنِ أَوْ طَبِيعِيَّيْنِ. أَوْ الشَّهْرُ طَبِيعِيًّا وَالسَّنَةُ عَدَدِيَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ. فَاَلَّذِينَ يَعُدُّونَهُمَا: مِثْلُ مَنْ يَجْعَلُ الشَّهْرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالسَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. وَاَلَّذِينَ يَجْعَلُونَهُمَا طَبِيعِيَّيْنِ. مِثْلُ مَنْ يَجْعَلُ الشَّهْرَ قَمَرِيًّا وَالسَّنَةَ شَمْسِيَّةً. وَيُلْحِقُ فِي آخِرِ الشُّهُورِ الْأَيَّامَ الْمُتَفَاوِتَةَ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ. فَإِنَّ السَّنَةَ الْقَمَرِيَّةَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا. وَبَعْضُ يَوْمٍ خُمُسٌ أَوْ سُدْسٌ. وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا جَبْرًا لِلْكَسْرِ فِي الْعَادَةِ - عَادَةِ الْعَرَبِ فِي تَكْمِيلِ مَا يَنْقُصُ مِنْ التَّارِيخِ فِي الْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالْحَوْلِ. وَأَمَّا الشَّمْسِيَّةُ فَثَلَاثُمِائَةٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير