تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - ((الدال)) و ((المدلول)) و ((الدلالة)) مصطلحات لسانية تقابل (( Signifiant) و (( Signifié)) و (( Sémantique)) في اللغات الأوروبية، وهي مصطلحات متداولة في الدراسات العربية ومصادرها. أورد عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ/1078م) في دلائل الإعجاز استعمالها، قال: فإذا وجب لمعنى أن يكون أولاً في النفس وجب للفظ الدال عليه أن يكون مثله أولاً في النطق… وتابع: وإن العِلْم بمواقع المعاني في النفس، علم بمواقع الألفاظ الدالة عليها في النطق ([ xxviii]). ومن شواهد استعماله مصطلح ((الدلالة) قوله: وإذا كان هذا كذلك فينبغي أن ينظر إلى الكلمة قبل دخولها في التأليف .. وتؤدي في الجملة معنى من المعاني التي لا سبيل إلى إفادتها إلا بضمّ كلمة إلى كلمة، وبناء لفظة على لفظة، هل يتصور أن يكون بين اللفظتين تفاضل في الدلالة حتى تكون هذه أدلّ على معناها ([ xxix]).. واستعمالها في الحقل المذكور مطابق لاستعمال اليوم. وتعدى تداولها بيئة اللغويين إلى الفلاسفة. جاء في كتاب ابن سينا (ت 428هـ/1037م) جمع للمصطلحات المذكورة: (( .. وأما دلالة ما في النفس على الأمور فدلالة طبيعية لا تختلف، لا الدال ولا المدلول عليه، كما في الدلالة بين اللفظ والأثر النفساني، فإن المدلول عليه وإن كان غير مختلف، فإن الدال مختلف؛ ولا كما في الدلالة التي بين اللفظ والكتابة، فإن الدال والمدلول عليه جميعاً قد يختلفان)) ([ xxx]).

4-(( علم اللغة)) المقابل للمصطلح الأجنبي

(( Linguistic))، مصطلح متداول في بيئة اللغويين والنحويين، وقد استعمله –على سبيل المثال لا الحصر- الزمخشري في أثناء ذكره أصناف العلوم الأدبية، قال: ((اعلم أن العلوم الأدبية ترتقي إلى اثني عشر صنفاً، الأول: علم اللغة …)) ([ xxxi]).

5- " معنى المعنى" يناظر المصطلح اللساني المعاصر meaning of meaning من رواد من استعمله في الدراسات العربية البلاغية الإمام عبد القاهر الجرجاني، قال موضحاً المصطلح، مفسراً استعماله بصورة جليةٍ:" الكلام على ضربين: ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ... وضرب آخر أنت لاتصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ولكن يدلّك على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض ... منها هنا عبارة مختصرة وهي أن تقول المعنى، ومعنى المعنى، تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك إلى معنى آخر" ([ xxxii])

وانتشار المصطلحات في التراث العربي دليل على معرفتها من جهة، وشيوع العلوم التي تخصّها من جهة ثانية، لأن المصطلح وعاء للعلم، ومن دونه لا يظهر المصطلح، ولا توجد دواع إليه. والذي يعزز ما نذهب إليه ملاحظة فايل ( Weil) في مقدمة كتاب الإنصاف، قال عند كلامه على الفرّاء: ولكن الفرّاء لم يهتم إلا قليلاً جداً بالأخذ المتناقل في هذا العلم، بل يبدو عليه طابع مَنْ يؤسس فرقة، أو مذهباً خاصاً به، وهو يختلف عن سيبويه اختلافاً بيّناً… وكثيراً ما استعمل الفرّاء اصطلاحات تخالف الاصطلاحات المشهورة عند علماء النحو ([ xxxiii]).. وفيه إقرار بوجود اتجاه لغوي سيميائي –لساني عربي، بسبب وجود مصطلحاته وأوعيته ..

وبالمادة المبيّنة، والمصطلحات المستعملة ثبتت معرفة العرب لعِلْم العلامات (السيميولوجيا)، وممارستهم إياه طبعية سليقة، وعن معرفة ودراية وحقيقة، كما في مباحث علامات الحب، وأمارات المنافق، وآيات الخائف ..

وصفوة القول

كان لعلماء العربية إسهام فعالٌ في الدراسات السيميائية (العلامية) خصوصاً واللسانية بمصطلح اليوم عموماً. وهو جهد بدا بجلاء في وضع حجر أساس الدراسات المذكورة، ورسم خطتها، ثم تركهم للأجيال اللاحقة تثميرها وإتمامها ورفع بنائها. وإذا كان جهدهم التأسيسي محدوداً نسبياً، فهو يحاكي زمانه، ويساير مبدأ النشوء والارتقاء؛ لأن كل مبتدئ لشيء لم يُسْبق إليه، ومبتدع لأمر لم يُتَقَدَّم فيه عليه، يكون قليلاً، ثم يكثر، وصغيراً ثم يكبر.

لم نصدر في ما نقول عن تعصب، ولا عن قلة بحث وتنقيب وتعقب، بل نستند فيما نقول إلى الدليل، ويكون الحكم للمنطق والعقل، وعليهما التعويل. وأبرز عيّنة تشهد لصحة الإشكالية التي نقولها مصطلح ((سيمياء)) الذي انتقل بلفظه ودلالته إلى الانكليزية فكان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير