تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال في مطالب القربه (فصل): فيما يؤكل لحمه , وما لا يؤكل , قال الله تعالى {: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}. وقال الله تعالى {: ويحل لهم الطيبات , ويحرم عليهم الخبائث} , والطيب يقع على الحلال , وتكلم الشافعي رحمه الله تعالى في هذا الباب على ما يحل أكله , وما لا يحل أكله , وجملة ذلك أن كل ما ورد الشرع بإباحته فهو مباح , وما ورد بتحريمه فهو حرام , وما لم يرد به الشرع في إباحته , ولا تحريمه فالمرجع فيه إلى عرف الناس , وعادتهم فما كان في عادتهم مستطاب أكله فهو حلال , وما كان مستخبثا غير مستطاب فهو حرام , وما لم يكن لهم فيه عادة فإنه يقاس على ما لهم فيه عادة فإن كان التئامه بالحيوان المأكول أكثر أكل , وإن كان شبهه بما لا يؤكل أكثر لم يؤكل , والدلالة على هذه الجملة قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} يعني الحلال , ويقع على الطاهر كقوله تعالى {فتيمموا صعيدا طيبا} يعني طاهرا , ويقع على ما تستطيبه النفس كما يقال هذا طعام طيب , وهذا شيء طيب , وإنما يرجع في ذلك إلى عادة العرب التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الخطاب لهم. والكلام خارج على عاداتهم , وليس يرجع في ذلك إلى عادة أهل البادية , والعرب الأجلاف ; لأن أولئك يأكلون كلما وجد حتى روي أن بعضهم سأل أعرابيا , فقال: ما تأكلون؟ قال: نأكل كل ما دب , ودرج إلا أم حبين , وهي دويبة صفراء كبيرة البطن فإن قيل: كيف يرجعون في ذلك إلى عاداتهم , وعاداتهم مختلفة؟ قلنا: ليس يكاد يختلف ذلك في الغالب , وإن اختلف رجعنا إلى عادة الأكثر منهم , فإذا ثبت هذا فالحيوان على ضربين: طاهر , ونجس , فأما الطاهر من دواب الإنس الإبل , والبقر , والغنم لإجماع الأمة , والخيل لما روى جابر بن عبد الله قال {ذبحنا يوم خيبر الخيل , والبغال , والحمير فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال , والحمير , ولم ينهنا عن الخيل} , ويؤكل من دواب الوحش البقر , والحمار , والظبي , والضب , والضبع , والثعلب , والأرنب , واليربوع , والقنفذ , والوبر , وابن عرس ; لأنها مستطابة عند العرب , ولا تتقوى بنابها. قال الشافعي رحمه الله تعالى {: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع , وكل ذي مخلب من الطير , وأحل الضبع , وله ناب} فحمل على أن ما له ناب على ضربين ضرب له قوى يعدون به على الناس , وعلى بهائمهم , ومواشيهم كالأسد , والذئب , والفهد , والنمر , والدب , والفيل , والقرد , (((والزرافة))) , والتمساح , وابن آوى فهذا لا يحل أكله إجماعا , والدليل عليه ما ذكرناه من الحديث. والضرب الثاني: ما له ناب ضعيف , وليس فيه عدوى , وافتراس كالضبع , والثعلب , وما أشبه ذلك فهذا عندنا مباح قال مالك هو محرم. وقال أبو حنيفة: مكروه , وظاهر مذهبه أن الكراهية تحريم , والدليل على ما قلنا ما روى عبد الرحمن بن أبي عمارة قال سألت جابرا فقلت الضبع صيد قال نعم قلت يؤكل قال نعم قلت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم ; ولأنها بهيمة لا تنجس بالذبح يحل أكلها كالشاة , وأما الثعلب فقد قال ابن جرير الطبري سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول الثعلب , والوبر , والقنفذ حلال , فأما الثعلب فقد ذكرنا حكمه , وأما الوبر فهي دويبة سوداء أكبر من ابن عرس , وأما القنفذ فمعروف , وأكل الجميع جائز , وأما الأرنب حلال أكله روى أنس رضي الله عنه قال {كنت غلاما حزورا فاصطدت أرنبا فشويتها فأنفذ أبو طلحة بفخذها , ووركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته به} , , ولا بأس بأكل الضب. وقال أبو حنيفة: مكروه وظاهر مذهبه أنه محرم فإنه قال يأثم بأكله. وقال مالك هو حرام , ودليلنا ما روى خالد بن الوليد قال {دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم منزل ميمونة فقدم إليه ضب محنوذ يعني مشوي فأهوى إليه بيده فقالت امرأة من النسوة اللواتي في البيت أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي يأكل فقالوا إنه ضب فرفع يده عنه فقال خالد فقلت أحرام هو يا رسول الله فقال لا , ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال فاجتررته إلى نفسي , وأكلته , ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلي}. وأما ابن آوى فاختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال يحل أكله ,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير