3ـ روى ابن أبي شيبة بسنده عن أم عمرو بنت عمر قالت: كانت عائشة تنهانا أن نتحلى الذهب أو نضبب الآنية أو نحلقها بالفضة، فما برحنا حتى رخصت لنا وأذنت لنا أن نتحلى الذهب، وما أذنت لنا ولا رخصت لنا أن نحلق الآنية أو نضببها بالفضة ([219]).
قال النووي:أثر عائشة حسن، رواه الطبراني والبيهقي بمعناه ([220]).
4ـ لأن العلة التي لأجلها حرم وهي الخيلاء وكسر قلوب الفقراء، وتضييق النقدين موجودة في المموه، ونحوه ([221]).
حكم شراء وبيع الأواني المموهة بالذهب أو الفضة:
بناء على قول الشافعية بجواز بيع آنية الذهب والفضلة، فإنه من باب أولى القول بجواز بيع وشراء المموه عندهم. وبناء على جواز استعمال الآنية المموهة عند الحنفية والمالكية، وعلى قول في مذهب الحنابلة فإنه يجوز بيع وشراء الآنية المموهة عندهم أيضاً ([222]).
ولا يجوز شراء الآنية المموهة بالذهب والفضة على مذهب الحنابلة وعلى القول الثاني عند المالكية ([223]).
? المبحث الثاني: المناقشة و الترجيح
بعض الأشياء التي تصنع من الحديد، أو النحاس؛ أو الزجاج، كمقابض الأبواب، والأجزاء الثابتة من الثريات الكهربائية، و الكاسات، تدهن بنسبة قليلة جدا من الذهب أو الفضة، لتعطيها منظرا جميلا، ولتحميها من الصدأ، ونحوه. ولقلة الذهب أو الفضة فيها، فإن الطلاء لا يثبت بنفسه، ولا يتحمل الاستعمال، كما لا يتحمل عوامل التعرية، فيضاف إليه نسبة من المعادن الأخرى لتقويته، كما تدهنه المصانع التي تصنع هذه الأواني بدهان يعمل على تثبيت الذهب أو الفضة على الإناء المطلي. وما يُرى من لون ذهبي أو فضي في البلاط، أو الرخام، أو القيشاني فليس فيه شيء من الذهب أو الفضة لأن التمويه بهما في الأشياء المذكورة لا يمكن بقاؤه، لأنه لا يتحمل الاستعمال الذي ينتفع به من هذه الأشياء.
وبعد عرض أقوال العلماء وأدلتهم وتعليلاتهم في المموه، ونحوه فالراجح عندي جواز استعمال الأواني المموهة بالذهب أو الفضة وبيعها وشرائها؛ وهو رأي جمهور العلماء كما سبق بيانه ومع أنه مباح فيما أرى إلا أن التنزه عن استعماله في الأكل والشرب أولى، لاسيما إذا كان التمويه قد غطى جميعه، أو معظمه. وكذلك يترجح عندي جواز المطلي منهما والمكفت، والمطعم، والمنقوش، والمغشى؛ لأن المموه ونحوه ليس إناء ذهب و لا فضة؛ و لأن نصوص النهي جاءت بالمنع من استعمال أواني الذهب والفضة، وهذه ليست آنية ذهب ولا فضة، ولزوال علة التحريم على ما رجحناه، وهي تضييق النقدين، والإسراف؛ بناء على ما سنبينه قريبا إن شاء الله أما الأثر الذي رواه الطبراني عن أم عطية فقد قال عنه ابن حجر: في سنده من لا يعرف ([224]). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن معاوية إلا عمر بن يحي ولا سمعناه إلا عن هذا الشيخ ([225]). ولذا لا يصلح حجة للمجيزين.
وأما أدلة المانعين: فالحديث الذي رواه الدار قطني وغيره، وضمنه (أوفيه شيء من ذلك) و استدل به بعض الحنابلة حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج، وممن صرح بضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية، بل قال عنه الذهبي: إنه حديث منكر. كما سبق بيانه ([226]). وقال ابن القطان هذا لحديث لا يصح، وقال ابن حجر هذا حديث معلول بجهالة إبراهيم ابن مطيع وولده. وقال الشوكاني: (يحي بن محمد الجاري راوي تلك الزيادة قال البخاري يتكلمون فيه وقال ابن عدي هذا حديث منكر كذا في الميزان وفي الكاشف ليس بالقوي) ([227]).
يؤيد ما رجحناه من قول العلماء بضعفه معارضته للحديث الصحيح الثابت في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك t ( أن قدح النبي e انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة قال عاصم رأيت القدح وشربت فيه) ([228]). لأن حديث ابن عمر جاء فيه (أو فيه شيء من ذلك) وقدح رسول الله e فيه شيء من ذلك؛ وهو ضبة الفضة. ولايعقل أن ينهى الرسول eعن شيء ويفعله.
¥