الثالث: أن هشام بن سعد قد تابعه أيضاً ولكنه لم يذكر فيه الحرف المشار إليه. أخرجه أحمد [6/ 444] عن حماد بن خالد قال: ثنا هشام بن سعد عن عثمان بن حيان وإسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به. وهشام بن سعد ثقة حسن الحديث،وقد احتج به مسلم كما يأتي.
الرابع:أن الحديث جاء من طريق أخرى عن أم الدرداء لم يرد فيه الحرف المذكور.أخرجه مسلم [3/ 145] وابن ماجة [1/ 510] والبيهقي [4/ 245] وأحمد [5/ 194] من طريق هشام بن سعد عن عثمان بن حيان الدمشقي عن أم الدرداء به بلفظ: ((لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ... )) وقرن احمد في رواية له كما تقدم إسماعيل بن عبيد الله مع عثمان بن حيان، فقد روى هشام بن سعد الحديث من الطريقين عن أم الدرداء.
قلت:فهذه الوجوه الأربعة ترجح أن قوله في رواية مسلم: ((في شهر رمضان)) شاذ لا يثبت في الحديث.انتهى كلام الألباني.وهاك الآتي:
أولاً: في الكلام على دليله الأول:
قوله: ((إن سعيد بن عبد العزيز وغن كان ثقة نفقد اختلط قبل موته كما قال أبو مسهر))،نعم تغير سعيد بن عبد العزيز بآخره ولكنه امتنع عن التحديث بعد تغيره. قال الدوري عن ابن معين: اختلط قبل موته،وكان يعرض عليه فيقول لا أجيزها لا أجيزها. التهذيب [4/ 61].
لذلك قبل الأئمة حديثه مطلقاً بل وأكثروا عنه محتجين به، فرميه بالاختلاط فيه مجازفة وظلم، أضف إلى ذلك أنه من رجال مسلم وروايته هنا في مسلم، والمعروف أن من كان من المختلطين محتجاً بروايته في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط. هذا نص ابن الصلاح في مقدمته [ص 356] وهو متفق عليه. فإن أخرجا أو أحدهما لمن روى عن المختلط بعد الاختلاط فليعلم أن هذا مما انتقاه صاحب الصحيح مما وافقه غيره عليه، فيكون مما ثبت عن المختلط ولم يخلط فيه. انظر مقدمة الفتح [ص 4116] في ترجمة عبد الأعلى البصري.
قوله: ((وقد اختلف عليه في قوله: ((شهر رمضان)).
ولماذا تُثبت اختلافا: الأولى أن نقول إنه قد ثبتت هذه اللفظة عن سعيد لأنه ثقة ورواها عنه بالوجهين الوليد بن مسلم وهو شامي مثله ثقة وقد صرح بالسماع. فدعوى الاختلاف بعيدة وقوله: ((في شهر رمضان, في بعض غزواته, في بعض أسفارنا)) كلها متقاربة ذات معنى واحد لا اختلاف بينها, إذ قد يكون السفر لغزوة في شهر رمضان.
ثم لكي يثبت الألباني الاختلاف المتوهم قال: ((فأثبته عنه الوليد بن مسلم ... )) إلخ، هذا كلام احتوى على أخطاء هي:
1 - الراجح عن الوليد بن مسلم الرواية التي فيها: ((في شهر رمضان)) -إن احتججنا للترجيح لأنه لا احتجاج إليه ولكن دفعاً لهذا التوهم-.ذلك أنه رواه عن الوليد رجلان داود بن رشيد، ومؤمل بن الفضل، وداود أثبت من مؤمل و داود من رجال الصحيحين وهو ثقة. التهذيب [3/ 184]،تقريب [1/ 231].بينما مؤمل بن الفضل لم يخرج له من الستة إلا أبو داود والنسائي وهو صدوق كما في التقريب [2/ 290].
2 - ثم اختلف الرواة عن سعيد - ولا اختلاف عند عامة العلماء والحمد لله ولكن تنزلاً مع كلام الألباني - فمنهم من أثبت: ((في شهر رمضان)) ومنهم من لم يثبت. فقد أثبته الوليد بن مسلم - وهو الراجح عنه - وعمرو بن أبي سلمة وأبو المغيرة عبد القدوس الحمصي لم يثبتها،فننظر أين الراجح عن سعيد، لا شك أن رواية الوليد التي فيها: ((في شهر رمضان)) أرجح للآتي:
عمرو بن أبي سلمة ضعفه يحيى بن معين والساجي،وقال أبو حاتم:
يكتب حديثه و لا يحتج به،وقال العقيلي: في حديثه وهم، وقال احمد: روى عن زهير أحاديث بواطل،كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله فغلط فقلبها عن زهير ووثقه يونس وابن سعد وابن حبان، والأخيران متساهلان عند الألباني،خاصة ابن حبان الذي ملأ كتبه بحكاية تساهله. وعمرو بن أبي سلمة قال الحافظ فيه في التقريب [2/ 71]:صدوق له أوهام.
ب- أما عن المغيرة بن عبد القدوس بن الحجاج الحمصي فهو ثقة كما قال الألباني ولكن الذي في المسند [5/ 194]: ((قال عبد الله، حدثني أبي،ثنا المغيرة، ثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثني إسماعيل بن عبد الله، عن أم الدرداء،عن أبي الدرداء به)) فشيخ أحمد هو المغيرة وليس أبا المغيرة.
¥