نعم لم يُذكر أن لأحمد شيخاً اسمه المغيرة فقد فتشت في التهذيب وتعجيل المنفعة ثم في مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي فلم أجد شيخاً له اسمه المغيرة، ولكن هذا لا يقطع بالأمر فأحياناً يفوت هذه الكتب ما هو من شرطها خذ مثلاً: أبا عبد الله مسلمة الرازي حديثه في المسند رقم 605،810 وفات الحافظ في تعجيل المنفعة وهو على شرطه وذكر ابن الجوزي في مشايخ أحمد رحمه الله تعالى إسماعيل بن المغيرة ولم أجده في التهذيب أو في تعجيل المنفعة.
قد يظن ظان أن المغيرة المذكور في المسند هو أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الحمصي الذي ذكره الألباني لأنه شامي من مشايخ أحمد وروى عن سعيد بن عبد العزيز، ولكنه ظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً، خاصة لمن يريد أن يحكم بالشذوذ على أحاديث الصحيح المجمع على صحتها.
ثم قال الألباني: ((فهؤلاء ثلاثة من الثقات ... إلخ)).
من هؤلاء الثلاثة؟ مؤمل؟ أو عمرو أو عبد القدوس؟
أما الأول فصدوق،وروايته مرجوحة أمام داود الثقة والمقام مقام ترجيح رواية سعيد وليس الوليد وهو خارج عن الكلام هنا. والثاني عرفت حاله،والثالث عرفت ما فيه، فسقط بذلك استدلال الألباني الأول.
ومما سبق يعلم أن ترجيح الرواية التي ليس فيها: ((شهر رمضان)) على غيرها ترجيح بدون مرجع , والله تعالى أعلم بالصواب.
وقبل الكلام على استدلاله الثاني أردت ـ بحول الله تعالى ـ أن أبين متابعة للوليد لم يذكرها الألباني , والراجح أنه لم يقف عليها. قال الطبراني في المسند الشاميين [1/ل 53]: ((حديثا مطلب بن شعيب الأزدي , ثنا عبد الله بن صالح , حدثني سعيد بن عبد العزيز , عن إسماعيل بن عبيد , عن أم الدرداء , عن أبي الدرداء به))
شيخ الطبراني صدوق. [الميزان 4/ 128].أما عبد الله بن صالح كاتب الليث ففيه مقال مشهور , وقال الحافظ في التقريب [1/ 423]: ((صدوق كثير الغلط , ثبت في كتابه ,وكانت فيه غفلة)) اهـ. وقال في هدي الساري [ص 414] بعد كلام: ((ظاهر كلام الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيماً، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه،وما يجيء رواية الشيوخ عنه فتوقف فيه)).اهـ.
فمما سبق تعلم:أن سعيد بن عبد العزيز روى عنه الحديث: الوليد، و عمرو بن سلمة، وعبد الله بن صالح، و شيخ أحمد. والوليد ثقة وهو من أثبت الناس في سعيد بن عبد العزيز وأعرفهم به وروايته عنه أرجح من غيره بلا شك. فلا يقوي عمرو بن سلمة المضعف، ولا عبد الله بن صالح كاتب الليث-وقد عرفت ما فيه-على ترجيح رواية سعيد والحكم على رواية الوليد الراجحة عنه بالشذوذ، ولو ضم إليهما التوهم، فيكون الراجح عن سعيد رواية الوليد بن مسلم التي فيها: ((في شهر رمضان)).
ثانياً: في الكلام على دليله الثاني:
قوله: ((وعبد الرحمن هذا أثبت من سعيد ,فروايته المخالفة أرجح)) اهـ
قلت:لا مخالفة والحمد الله كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
أما قوله: ((وعبد الرحمن هذا أثبت من سعيد)) فهو مخالف للواقع إذ العكس هو الصحيح , فعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وكذا سعيد بن عبد العزيز ثقتان, لكن كلمات التوثيق في سعيد أقوى ,وقد قدمه البعض على الأوزاعي إمام أهل الشام.
- قال أحمد: ((ليس بالشام رجال أصح حديثاً من سعيد بن عبد العزيز , هو والأوزاعي عندي سواء)) فأنت ترى كيف قرنه أحمد بالأوزاعي , وهذا لم يكن لعبد الرحمن.
-وقال أبو حاتم: ((كان أبو مسهر يقدم سعيد بن عبد العزيز على الأوزاعي ولا أقدم بالشام بعد الأوزاعي على سعيد أحداً)).
-وقال الحاكم أبو عبد الله: ((هو لأهل الشام كمالك ابن أنس لأهل المدينة،-في التقدم والفقه والأمانة)).
-وقال ابن مهدي: ((إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي وسعيد ابن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد فاطمئن إليه)).اهـ. فانظر كيف قدمه عليه في الذكر.
¥