تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسهيل بن أبي صالح قال عنه سفيان بن عيينة: كنا نعد سهيلاً ثبتاً في الحديث، وقال أحمد ما أصلح حديثه،وقال ابن عدي: هو عندي ثبت لا بأس به مقبول الأخبار، ووثقه العجلي وابن حبان، وقال الحاكم: أحد أركان الحديث، وقد أكثر مسلم الرواية عنه في الأصول والشواهد.

فحديثه صحيح عندهم، ومما يدل على ذلك ما نقله الذهبي [الميزان 2/ 264] عن السلمي قال: ((سألت الدار قطني لما ترك البخاري حديث سهيل في كتاب الصحيح؟ فقال: لا أعرف له فيه عذراً فقد كان النسائي إذا مر بحديث سهيل قال:سهيل والله خير من أبي اليمان ويحيى بن بكير وغيرهما، وكتاب البخاري من هؤلاء مليء)).انتهى كلام الدار قطني.وانظر سؤالات الحاكم للدارقطني [ص 171].

وغاية ما قيل في سهيل أنه نسي بعض حديثه في آخر عمره وهذا يحدث لكثير من الرواة، يقل حفظهم بتقدم سنهم، وما احسن ما قاله الحافظ الذهبي في الميزان [4/ 301] في ترجمة هشام بن عروة: ((ولم يختلط أبداً، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا. نعم الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسي بعض محفوظه أو وهم، فكان ماذا؟ أمعصوم هو من النسيان! ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم، وفي غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل ذلك يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات)).اهـ

فلم يقل أحد: إن حديث مالك وشعبة ووكيع وغيرهم من كبار الثقات ليس بصحيح ولكنه جيد بسبب بعض نسيان طرأ عليهم بسبب بعض الكبر.

فصل

وإن سُلمت دعوى النسيان على سهيل بن أبي صالح، فإن مسلماً لا يُخرج من حديثه إلا ما ظهر له أنه حدث به قبل تغيره، أو أنه حفظه بعد تغيره. قال الحافظ ابن الصلاح [مقدمة علوم الحديث ص 466]: ((واعلم أن من كان من ذلك مما تميز, وكان مأخوذاً عنه قبل الاختلاط)).اهـ. ومثله للنووي [التقريب مع التدريب2/ 380].

وإن وجدت رواية أو أحدهما لأحد المختلطين بواسطة من سمع منه بعد الاختلاط فهذا يكون مما توبع عليه وانتقاه صاحب الصحيح،وإذا كان سهيل بن أبي صالح لم يختلط، بل نسي قليلاً، كغيره من الثقات، وكلامهم المذكور خاص برواية المختلطين في الصحيحين، فما بالك بمن لم يختلط بل نسي قليلاً،فحديثه بلا شك صحيح ما دام في الصحيح.

فصل

حاول الألباني نسبة ما توهمه وهماً لسهيل بن أبي صالح،ولكي يتم له ذلك، لابد له من بيان أن سهيلاً جُرح ولو جرحاً خفيفاً، فقال: ((وأورده الذهبي في الضعفاء،وقال: ثقة، قال ابن معين:ليس بالقوي)).فغمز سهيل يتم له عن طريق إيراد الذهبي له في الضعفاء وقول ابن معين.

أما عن إيراد الذهبي أو غيره للراوي في الضعفاء فلا يضره ذلك، إنما يورده في الضعفاء ليُعلم في الحملة أنه تُكلم فيه بحق أو بباطل او نحو ذلك، وترى في الضعفاء والمغني والميزان للذهبي قوماً ثقاتاً وأئمة من رجال البخاري ومسلم، فلا يعني إيرادهم في هذه الكتب أنهم ضعفاء،أو أن الجرح مقبول،بل ذكروا بسبب الكلام فيهم فقط.

أما عن قول ابن معين: ليس بالقوي،فاعلم أن لابن معين أربعة أقوال في سهيل بن أبي صالح:

قوله: ليس بالقوي.

قوله: حديثه ليس بحجة.

والأول تليين هين،فما بالك إذا صدر من ابن معين الذي قال عنه الذهبي ((يغمز الراوي بالغلطة والغلطتين ويلين بذلك حديثه)).اهـ. [ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص 158].والثاني جرح غير مفسر، فغير مقبول في مقابل توثيق الآخرين له،بل وتوثيق ابن معين له كما سيأتي.

قوله:سمي خير منه، وسمي ثقة. انظر التقريب [1/ 333].فقوله المذكور يدل على انه مقارنة بين ثقتين فهو توثيق لسهيل.

قوله:ثقة هو وأخواه عباد وصالح.

ذكر هذه الأقوال الأربعة الحافظ الذهبي في الميزان، وبعد ذكر أقوال ابن معين الأربعة يكون التوثيق هو الراجح عن ابن معين لموافقته الجماعة، ولأن الجرح المذكور في [1] و [2] إما لين لا يؤثر،أو ليس بمفسر، والله أعلم.

والذهبي نفسه لم يعتمد من أقوال ابن معين إلا التوثيق وإن ذكر غيره، فقال في الضعفاء:ثقة، ومثله في المغني [1/ 289]،وقال في الميزان [2/ 243]:أحد العلماء الثقات وغيره أقوى.

ومما سبق تعلم أن الطريق الذي سلكه الألباني لغمز سهيل بن أبي صالح وبالتالي عدم تصحيح حديثه بل تجويده، طريق مردود لأنه مسدود.

فصل

ثم قال الألباني: ((وقد استنكرت من حديث)) إلخ. لا شك أن الألباني يقصد بالنكرة هنا مخالفة سهيل لمن هو أوثق منه.

فإن قيل لعل الألباني لا يقصد هذا المعني هنا بل يقصد مطلق التفرد ,أو النكرة المرادفة للشذوذ.

أجيب بأن تعريف المنكر عند المتأخرين هو مخالفة الضعيف لمن هو أوثق منه، ومن تتبع كتب الألباني يجده يمشي على التعريف المذكور. وعليه فيكون سهيل بن أبي صالح ضعيفاً.

فانظر-رحمني الله وإياك-إلى هذا الاضطراب،يقول أولاً شاذاً أو منكراً، ثم يقول هذا إسناد جيد،ثم يختار النكارة.فكيف تجتمع النكارة مع جودة الإسناد، حيث أن النكارة يشترط لثبوتها-على التعريف المذكور- ضعف الراوي، فهل يجود إسناد فيه راوٍ ضعيف؟!.وهكذا يقع المتعدي على الصحيح في ضروبٍ من التناقضات والأخطاء والأوهام.نسأل الله العافية.

فصل

أكثر مسلم من إخراج حديث سهيل بن أبي صالح في صحيحه، فروى له عشرات الأحاديث. وقد وجدت له - أي سهيل- عن أبيه ذكوان أبي صالح السمان عن أبي هريرة مائة وثلاثة وأربعين حديثاً، كما في تحفة الأشراف للمزي [9/ 394 - 449].فما بالك بما حدث به عن غير أبيه في صحيح مسلم وهو كثير أيضاً.

فعلى طريقة الألباني هنا في تجويد حديث سهيل تكون كل أحاديث في مسلم ليست صحيحة بل جيدة، بل وعلى طريقة الألباني في إطلاق النكارة على ما انفرد به سهيل أو خالف فيه تكون هذه الأحاديث ... !!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير