رواه مسلم [8/ 36] وابن أبي الدنيا في ((حسن الظن بالله)) [190/ 1 - 2] قالا - واللفظ لابن أبي الدنيا -:حدثنا سويد بن سعيد قال:ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه،قال:ثنا أبو عمران الجوني،عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث ... فذكره.
ثم رواه ابن أبي الدنيا من طريق أخرى موقوفاً:حدثنا أبو حفص الصفار،قال:ثنا جعفر بن سليمان، قال:ثنا أبو عمران الجوني،عن جندب بن عبد الله البجلي، قال:فذكره موقوفاً.
قلت - أي الألباني -: والإسناد الأول ضعيف،فإن سويد بن سعيد مع كونه من شيوخ مسلم، فقد ضعف بل روى الترمذي عن البخاري أنه ضعيف جداً. ونحوه ما روى الجنيدي عنه قال: ((فيه نظر، عمي فتلقن ما ليس من حديثه)) وقد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ((قال أحمد: متروك الحديث، وقال ابن معين: كذاب، وقال النسائي ليس بثقة،،وقال البخاري ... وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس، وقال الدارقطني: ثقة غير أنه كبر فربما قرئ عليه حديث فيه بعض النكارة فيجيزه)) وقال الحافظ في التقريب: ((صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول)).
قلت-أي الألباني-:فمثله لا تطمئن النفس للاحتجاج بخبره، لا سيما مع مجيئه موقوفاً من الطريق الأخرى ورجالها ثقات غير أبي حفص الصفار فلم أعرفه الآن. لكن وجدت لسويد بن سعيد متابعاً، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان [22/ 96/2] من طريق سويد بن سعيد وأبي سلمة يحيى بن خلف الباهلي كلاهما قالا: ثنا معتمر بن سليمان به مرفوعاً، والباهلي ثقة من شيوخ مسلم الذين احتج بهم في الصحيح. فبه صح الحديث، والحمد لله على توفيقه. انتهى كلام الألباني.
وهذا الكلام فيه أخطاء يظهر منها أن الألباني لا يبحث عن القول وقائله وسبب قوله، بل تراه يسرد أقوال الأئمة بدون روية،وأظهر مثل ذلك هو نقله عبارتهم رحمهم الله في سويد بن سعيد مجردة عن أسبابها.
ومن خطئه أيضاً أنه ينقل هذه الأقوال من ناقل مختصر لكلامهم، فإن اختصار كلام أهل الجرح والتعديل ضرر كبير وخطر جسيم، لأنه يؤدي إلى عدم معرفة سبب هذا القول. والمختصر قد يذكر ما يوافق وجهة نظره، أضف إلى هذا أنه لا يذكر كل الأقوال وهذا معلوم عندهم متداول.
ثم إن الألباني كان يجب عليه ما دام يريد أن يضعف سنداً في صحيح الإمام مسلم بن الحجاج المتفق على صحته أن يوسع القول في سويد بن سعيد، ويذكر أقوال المزكيين، دون الاقتصار على عبارات توهم العامة و الأغمار أنها جرح وإن سويداً لم يعدل، فيظنون أن الألباني أصاب في ا لاستدراك على المتقدمين [مسلم أو غيره].
ولنرجع إلى كلام الأئمة في سويد بن سعيد م تعالى،،اعلم-وفقني الله وإياك--أن سويد بن سعيد صدوق أو ثقة عندهم،ومن تكلم فيه فكلامه يرجع إلى أسباب:
1 - اختلاطه.
2 - تدليسه.
3 - العصبية ورواية المناكير.
وإليك أقوالهم فيه:
1 - قال البخاري حديثه منكر، وروى الترمذي عن البخاري أنه ضعيف جداً، وقال مرة: ضعيف. فهو ضعيف عند البخاري وقد بين سبب الضعف بأنه الاختلاط، وذلك فيما رواه الجندي عن البخاري قال: ((فيه نظر)) ,ثم بين البخاري سبب النظر بقوله: ((عمي فتلقن ما ليس من حديثه)).اهـ. الميزان [2/ 224] ,و قال في التاريخ الصغير [ص]: ((فيه نظر كان عمي فلقن ما ليس من حديثه)).اهـ. وهكذا تجد غالب كلامهم فيه سبب اختلاطهم.
وقال البرذعي: رأيت أبا زرعة يسيء القول فيه, فقلت له: فأيش حاله, قال: أما كتبه فصحاح وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها, فأما إذا حدث من حفظه فلا. وقال صالح بن محمد جزرة: صدوق إلا أنه كان عمي فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه. وقال أبو أحمد الحاكم: عمي في آخر عمره فربما لقن ما ليس من حديثه, فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه أحسن.
وقال الدارقطني في سؤالات حمزة السهمي له [ص216]:ثقة, إلا أنه كان عمي, فكان يلقن ما ليس من حديثه. ولدلك قال الحافظ الذهبي في الميزان [2/ 248]: ((وكان صاح بحديث وحفظ, ولكنه عمَّر وعمي, فربما لقن ما ليس من حديثه, وهو صادق في نفسه صحيح الكتاب)).
وما أحسن قول الحافظ في طبقات المدلسين في ترجمة السويد [ص50]: ((وقد تغتر في آخر عمره بسبب العمى فضعف بسبب ذلك)).
وهذا الذي ذكره الحافظ معروف عند المحدثين بفل ومنصوص عليه في كتب المصطلح التي ينبغي أن يعتني بها كل طالب للحديث, أما من أراد مخالفة الحفاظ فينبغ أن يكون قد انتهى من هذه المرحلة منذ وقت طويل.
¥