تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: ورجاله كلهم ثقات إلا أن زكريا هذا مدلس كما قال أبو داود وغيره, وقد عنعنه عند الجميع, فلعل العنعنة هي التي حملت الترمذي على الاقتصار على تحسين حديثه, لكن العنعنة إن اعتد بها هي سبب للتضعيف لا التحسين والله أعلم. ولما سبق أقول: إن الحديث بحاجة إلى شاهد يعتضد به, ولعلنا نجده فيما بعد. انتهى كلام الألباني.

هذا الكلام عليه مؤاخذات:

الأولى: قوله أولاً: ((صحيح)) ,ثم قوله: ((إن الحديث بحاجة إلى شاهد)) ,هذا تناقض لا يمكن حله, فكيف يصحح الحديث ثم يحتاج إلى شاهد؟! فالمعروف أن الذي يحتاج إلى شاهد هو الضعيف والحسن ليرتفعا إلى درجة أعلى. ثم كيف يصحح الحديث ثم يعله بمدلس ثم يقول إنه يحتاج إلى شاهد؟!.ألا يعتبر هذا اضطراباً!!.

الثانية: أعل الألباني الحديث بعنعنة زكريا بن أبي زائدة. وعنعنة زكريا بن أبي زائدة لا يعل بها الحديث للآتي:

زكريا بن أبي زائدة ذكره الحافظ في المرتبة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة. اهـ. [ص13].وعليه فحديث زكريا بن أبي زائدة مقبول عندهم صرح بالسماع أو لم يصرح.

زكريا بن أبي زائدة يدلس عن شيخه عامر الشعبي فقط، وكلام النقاد في ذلك واضح:

أ- قال أبو زرعة الرازي: صويلح يدلس كثيراً عن الشعبي.الجرح والتعديل [3/ 594].

ب- وقال أبو حاتم الرازي: كان زكريا بن أبي زائدة لين الحديث, كان يدلس, و إسرائيل أحب إلي منه، يقال إن المسائل التي يرويها زكريا لم يسمعها من عامر إنما أخذها من أبي حريز. اهـ. فأنت ترى أن سبب تليينه من قبل أبي حاتم هو التدليس وأنه يدلس عن عامر الشعبي.

جـ- قال أبو داود قلت لأحمد: زكريا بن أبي زائدة، فقال: لا بأس به، قلت: مثل مطرف؟،قال: لا كلهم ثقة، كان عند زكريا كتاب، وكان يقول فيه الشعبي، ولكن كان يدلس، يأخذه عن جابر وبيان ولا يسمي. اهـ. انظر سؤالات الآجري لأبي داود [ص185].فذكر أبو داود قول شيخه الإمام أحمد عندما سأله الآجري، ولو كان له رأي آخر لصرح به ولخالف شيخه، ولكنه اعتمده وذكره بدون تعقيب. ومنه يعلم أن قول الألباني: ((قد قيل فيه: إنه يدلس عن الشعبي وبعضهم كأبي داود وغيره أطلق ولم يقيده بالشعبي)).اهـ. صحيحته [1/ 690]،خطأ وتقويل لأبي داود ما لم يقله وإلا فليأت بنص يدل على ما ذهب إليه.

د- قال الآجري سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((زعموا أن يحيى بن زكريا قال: لو شئت أن أسمي لكم كل ما كان بين أبي والشعبي لفعلت)).انظر سؤالات الآجري [ص175].

هـ- قال الحافظ العلائي: قال أبو حاتم: يدلس عن الشعبي وابن جريج. اهـ. جامع التحصيل [ص121].

قوله: ((وابن جريج)) سبق قلم من الحافظ العلائي رحمه الله تعالى فإن الذي في الجرح والتعديل عن أبي حاتم أنه يدلس عن الشعبي فقط كما مر.

و-قال الحافظ في مقدمة الفتح [ص403]:قال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود صدوق إلا أنه كان يدلس عن الشعبي. اهـ.

ز-قال الحافظ الذهبي في الكشف: زكريا بن أبي زائدة ثقة يدلس عن شيخه الشعبي.اهـ. [1/ 323].

فهذه أقوال الإمام أحمد وتلميذه أبي داود , وأبي زرعة , أبي حاتم , وابن أبي حاتم ,والعلائي , والذهبي , وابن حجر أي ثمانية من أئمة الجرح والتعديل من المتقدمين والمتأخرين اتفقوا على تدليس زكريا بن أبي زائدة وهو عن شيخه عامر بن شراحبيل الشعبي.وقولهم موافق للواقع وإلا فمن أطلق التدليس عن زكريا فعليه بالدليل.

نعم أطلق الدارقطني القول في تدليس ابن أبي زائدة على ما نقله الحافظ في طبقات المدلسين [ص13] , ولعله ذهب إلى إليه الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه من أن تدليس الراوي يثبت بمرة واحدة ,فلم وقع من زكريا عن شيخه الشعبي اعتبر زكريا مدلسا مطلقاً. لكن العمل عند المحدثين على خلاف ذلك , قال مسلم: ((إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته)).اهـ. مقدم صحيحه بشرح النووي [1/ 139]. أو لعل من نقل كلام الدارقطني أختصره أو تصرف فيه كما فعل الذهبي في المغني في ترجمة زكريا , فإنه اختصر كلام أبي زرعة وأبي حاتم [1/ 239].

ومما سبق يتبين أن تدليس زكريا بن أبي زائدة هو عن الشعبي () فقط كما صرح به عدد من الحفاظ. وحديثه هنا عن سعيد بن أبي بردة فلا معنى لاتهامه بالتدليس.

تنبيه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير