ألم يقل:"طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إن كان في الْحِرَاسَةِ كان في الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كان في السَّاقَةِ كان في السَّاقَةِ، إن اسْتَأْذَنَ لم يُؤْذَنْ له، وَإِنْ شَفَعَ لم يُشَفَّعْ" رواه البخاري.
وروى البخاري عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قال: مَرَّ رَجُلٌ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: "ما رَأْيُكَ في هذا؟ " فقال: رَجُلٌ من أَشْرَافِ الناس، هذا واللهِ حَرِيٌّ إن خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ. فَسَكَتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ فقال له رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ما رَأْيُكَ في هذا؟ "، فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ، هذا رَجُلٌ من فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ هذا حَرِيٌّ إن خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قال أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هذا خَيْرٌ من مِلْءِ الأرض مِثْلَ هذا ".
اللهم إني أسألك عفوك ومغفرتك ورضوانك، وألا تجعلني ممن يكون عند الناس عظيما، وهو عندك صغير ولاممن يحبه الناس فيك، وأنت له مبغض أو ماقت.
قال الدكتور العريفي: " لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه المنابر والمحاريب والمكتبات وتئن أقوام لفقده، وأنت ستموت يوما من الدهر ولعله لايبكي عليك أحد إلا مجاملة أو عادة ".
أقول: قد وردت أحاديث في النهي عن البكاء على الميت، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ " متفق عليه. وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لِعَمْرِو بن عُثْمَانَ حين ماتت أخته: ألا تَنْهَى عن الْبُكَاءِ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عليه" متفق عليه. وقد نقل النووي في شرحه على مسلم وفي المجموع الإجماع على أن المراد بالبكاء هنا ماكان بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين، وذكر مذاهب العلماء في هذه المسألة.
المحور الثاني: المنهج العام للكتاب
لم يتكلم المؤلف عن منهجه في كتابه، أو الخطة التي اتبعها في عرض مادة الكتاب. وبتأمل الكتاب يتضح أن
المؤلف قسم مادة الكتاب على مباحث متعددة، يحمل كل مبحث عنوان مهارة من مهارات التعامل مع الناس، وهذه المباحث متفاوتة، فبعضها يكون في عدة صفحات، وبعضها في صفحتين، ويسوق في كل مبحث مايرى أنه يشهد له من الأحاديث والسيرة النبوية، ويسوق الأمثلة من الآثار والقصص القديمة والحديثة، والتجارب التي مر فيها المؤلف نفسه، ويكثر من ذكر الأمثلة والمواقف الافتراضية ويقترح الحلول المناسبة لها في نظره.
وقد كتب المؤلف على غلاف كتابه: " فنون التعامل مع الناس في ظل السيرة النبوية، حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين سنة "، وقد التزم بذكر مايشهد للمهارات التي يذكرها من الحديث والسيرة في أغلب مباحث الكتاب، لاجميعها. فعدد مباحث الكتاب تسعون تقريبا، منها نحو خمسة عشر مبحثا خلت من ذكر الشواهد من الحديث والسيرة.
ولي على منهج المؤلف مآخذ منها مايلي:
1 - المأخذ الأول أنه لايعتني كثيرا بذكر أدلة المبدأ الذي يتكلم عنه من الكتاب والسنة، وإنما يعتني بالأمثلة العملية من السيرة التي تثبت تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المبدأ، فكان ينبغي أن يقدم في أول كل مبحث بعض ماورد في تقريره من الكتاب والسنة، ثم يذكر تطبيقات هذا المبدأ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المؤلف لم يفعل هذا إلا في مباحث قليلة.
¥