تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لقد جاء الله بِالْحَقِّ الذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هذه الْبَحْرَةِ على أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فلما رَدَّ الله ذلك بِالْحَقِّ الذي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ، فَعَفَا عنه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عن الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ كما أَمَرَهُمْ الله، وَيَصْبِرُونَ على الْأَذَى قال الله تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ من الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الْآيَةَ، وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ من أَهْلِ الْكِتَابِ} فَكَانَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَأَوَّلُ في الْعَفْوِ عَنْهُمْ ما أَمَرَهُ الله بِهِ حتى أَذِنَ له فِيهِمْ.

وماجاء في حديث جابر رضي الله عنه المتفق على صحته في قصة قول عبد اللَّهِ بن أُبَيٍّ: فَعَلُوهَا أَمَا والله لَئِنْ رَجَعْنَا إلى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ منها الْأَذَلَّ، فَبَلَغَ النبي صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عُمَرُ فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هذا الْمُنَافِقِ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ الناس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ". وكعفوه عمن اتهمه بالجور في القسمة، كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال لَمَّا كان يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا في الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بن حَابِسٍ مِائَةً من الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذلك، وَأَعْطَى أُنَاسًا من أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في الْقِسْمَةِ، فقال رَجُلٌ والله إِنَّ هذه لَقِسْمَةٌ ما عُدِلَ فيها وما أُرِيدَ فيها وَجْهُ اللَّهِ. فقلت: والله لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قال، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حتى كان كَالصِّرْفِ، ثُمَّ قال:" فَمَنْ يَعْدِلُ إن لم يَعْدِلْ الله وَرَسُولُهُ"، ثُمَّ قال:" يَرْحَمُ الله مُوسَى قد أُوذِيَ بِأَكْثَرَ من هذا فَصَبَرَ". وكعفوه عن لبيد بن الأعصم الذي سحره، وقصة السحرهذه ثابتة في الصحيحين، وكعفوه عن اليهودية التي وضعت له السم في الشاة كما في حديث أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النبي صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ منها، فَجِيءَ بها، فَقِيلَ ألا نَقْتُلُهَا قال:" لَا". متفق عليه.

وهذا المأخذ أعني استدلاله بأمثلة غيرها أولى منها في الاستدلال لايقتصر على الأحاديث النبوية بل يشمل مايستدل به أحيانا من أمثال أو قصص.

مثال ذلك قول المؤلف في ص 249 بعنوان (لاتبال بكلام الخلق): " أعجبتني عبارة رددها ابني عبدالرحمن يوما، وأظنه في ذلك السن لم يكن يفقه معناها، كان يقول: طنش تعش تنتعش ... تأملت في هذه العبارة وأنا ألاحظ انتقادات الناس وآراءهم وأحاديثهم ... " ثم ذكر قصة جحا وابنه مع الحمار، واقتصر عليهما في تقرير العنوان الذي ذكره.

أقول: ألم يجد المؤلف مايقرر به هذا المعنى إلا عبارة سمعها من طفل، وقصة جحا؟! أليس في كلام السلف الصالح وعلماء الأمة مايغني عن هذا؟ لقد كتب كثير من العلماء في هذا المعنى وساقوا كثيرا من كلام السلف في تقريره، فكان الأولى بالمؤلف أن يذكر بعض ماذكروه.

ومن ذلك أن الخطابي رحمه الله عقد بابا في كتابه العزلة ص 76 فقال: باب في ترك الاعتداد بعوام الناس وقلة الاكتراث بهم والتحاشي لهم، ثم روى عدة نصوص عن السلف في هذا المعنى، فروى بسنده عن يونس ابن عبد الأعلى أنه قال: قال لي الشافعي رحمة الله عليه: يا أبا موسى رضاء الناس غاية لا تدرك، ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاح نفسك فالزمه ودع الناس وما هم فيه. وروى بسنده عن النضر بن شميل أنه قال: كتب إلي الخليل أن دع الناس واشمئزازهم. إذا عرفت الحق فالزم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير