تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحسن بن علي الخلال:كنا عند معتمر بن سليمان يحدثنا إذ أقبل ابن المبارك فقطع معتمرحديثه، فقيل له: حدثنا، فقال: إنا لا نتكلم عند كبرائنا (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/ 320)

وروى البخاري عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قال: فلما تَفَرَّقَ الناس خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قال: من كان يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ في هذا الْأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لنا قَرْنَهُ فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ منه وَمِنْ أبيه. قال حَبِيبُ بن مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ قال عبد اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بهذا الْأَمْرِ مِنْكَ من قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ على الْإِسْلَامِ فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بين الْجَمْعِ وَتَسْفِكُ الدَّمَ وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذلك فَذَكَرْتُ ما أَعَدَّ الله في الْجِنَانِ، قال حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.

ومن الصفات المحمودة عند أهل العلم قلة الكلام وكثرة السكوت وطول الصمت، فكثيرا مايثنون على شخص بأنه كثير السكوت طويل الصمت. بل جاء في مسند أحمد عن سِمَاكٍ أنه قال: قلت لِجَابِرِ بن سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم فَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ قَلِيلَ الضَّحِكِ، وكان أَصْحَابُهُ يَذْكُرُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ من أُمُورِهِمْ فَيَضْحَكُونَ وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ. والجزء الأخير رواه مسلم في صحيحه، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم َكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ، وَيَتَبَسَّمُ النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية الترمذي قال جَابِرِ بن سَمُرَةَ: جَالَسْتُ النبي صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ من مِائَةِ مَرَّةٍ فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ من أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وهو سَاكِتٌ فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ. لاحظ: الصحابة يضحكون، والرسول صلى الله عليه وسلم يتبسم، والدكتور العريفي يقول عن الجبان في نظره: وإن ذكروا نكتة ضحكوا وعلقوا، أما هو فخفض رأسه وتبسم!

ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 292: " أحيانا يكون من مبادئك عدم أخذ الرشوة ... مهما ملحوا أسماءها بخشيش هدية عمولة فاثبت على مبدئك ".

أقول: هذا المبدأ يجب أن يكون دائما لا أحيانا كما ذكر المؤلف، وهو لايقصده لكن التعبير خطأ.

ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 332 تحت عنوان (المفتاح) بعد أن ذكر أن المدح هو مفتاح القلوب وساق عدة أمثلة يرى أنها تشهد لقاعدته ثم ختم ذلك كله بقوله: " باختصار: أسرف في المديح، واقتصد في النقد ".

أقول: الإسراف مذموم، وقد قال تعالى: {ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين} (الأعراف:31)، فكيف إذا كان في المدح؟! وقد روى الشيخان في صحيحيهما عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - مِرَارًا - إذا كان أحدكم مَادِحًا صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلَانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ ولا أُزَكِّي على اللَّهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ، إن كان يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا "، وروى الشيخان أيضا في صحيحيهما عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يثني على رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في الْمِدْحَةِ، فقال:" لقد أَهْلَكْتُمْ أو قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ "

وروى مسلم في صحيحه عن أبي مَعْمَرٍ قال: قام رَجُلٌ يثني على أَمِيرٍ من الْأُمَرَاءِ فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثِي عليه التُّرَابَ وقال: أَمَرَنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحْثِيَ في وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ.

وروى عن هَمَّامِ بن الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ وكان رَجُلًا ضَخْمًا فَجَعَلَ يَحْثُو في وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ فقال له عُثْمَانُ: ما شَأْنُكَ؟ فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال "إذا رَأَيْتُمْ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا في وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير