ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 44 في قصة حصين والد عمران بن حصين، فقال: يدخل أبوعمران على النبي صلى الله عليه وسلم، وحوله أصحابه فيردد عليه ماتردده قريش دوما: فرقت جماعتنا شتت شملنا والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت بلطف حتى إذا انتهى قال له صلى الله عليه وسلم بكل أدب: أفرغت ياأباعمران؟ قال: نعم قال: فأجبني عما أسألك عنه، قال: قل أسمع، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا عمران كم إلها تعبد اليوم ..
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، ولم ينبه على ضعفها.
وإليك أقرب لفظ من ألفاظ هذا الحديث لماذكره المؤلف فيما وقفت عليه، وهو ماأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد 1/ 278 بسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن قريشا جاءت إلى الحصين وكانت تعظمه فقالوا له: كلم لنا هذا الرجل فإنه يذكر آلهتنا ويسبهم فجاؤوا معه حتى جلسوا قريبا من باب النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل الحصين فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أوسعوا للشيخ"، وعمران وأصحابه متوافدون، فقال حصين: ما هذا الذي يبلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك جفنة وخبزا. فقال:" يا حصين إن أبي وأباك في النار، يا حصين كم إلها تعبد اليوم؟ "، قال: سبعة ... الحديث.
أقول: قارن بين اللفظين، لتعرف الزيادات التي زادها المؤلف في الرواية، ولاندري مصدرها.
والحديث ضعيف كما ذكر الألباني في ضعيف سنن الترمذي ح 690، ولم ينبه المؤلف على ذلك.
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 53: وإن شئت فانظر إلى أم سلمة رضي الله عنها، وقد جلست مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكرت الآخرة وماأعد الله فيها، فقالت: يارسول الله، المرأة يكون لها زوجان في الدنيا فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعا إلى الجنة فلمن تكون؟ فماذا قال؟: تكون لأطولهما قياما؟ أم لأكثرهما صياما؟ أم لأوسعهما علما؟ كلا وإنما قال: تكون لأحسنهما خلقا، فعجبت أم سلمة فلما رأى دهشتها قال عليه الصلاة والسلام: ياأم سلمة ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة.
أقول: أولا: لم يذكر المؤلف مصدر هذه الرواية، وذكر فيها زيادات في الحديث لم أجد من خرجها، فلم أقف في طرق هذا الحديث على ماذكره من أن أم سلمة تذكرت الآخرة وماأعد الله فيها وأنها عجبت وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى دهشتها فقال.
ثانيا: لم ينبه المؤلف على أن هذا الحديث لايصح، بل قال الإمام أبوحاتم الرازي: هذا حديث موضوع لا أصل له (علل الحديث 1/ 416). وحكم عليه الألباني بأنه منكر، وقال: هو مع ضعف إسناده مخالف للحديث الصحيح بلفظ "المرأة لآخر أزواجها"، وهذا مخرج في الصحيحة 1281 (ضعيف الترغيب والترهيب 2/ 190)
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف حين ذكر في ص 60 قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، ذكر في أولها زيادات من استنتاجاته لم ترد في الرواية ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الأعرابي يكمل بوله ثم نصحه برفق ثم جاء وقت الصلاة فصلى الأعرابي معهم، ثم قال المؤلف: فلما رفع صلى الله عليه وسلم من ركوعه قال: سمع الله لمن حمده، فقال المأمومون: ربنا ولك الحمد، إلا هذا الرجل قالها وزاد بعدها: اللهم ارحمني ومحمدا ولاترحم معنا أحدا ... إلى أن قال: فناداه النبي صلى الله عليه وسلم فلما وقف بين يديه فإذا هو الأعرابي نفسه، وقد تمكن حب النبي صلى الله عليه وسلم من قلبه حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما دون غيرهما .. فانظر كيف ملك قلبه لأنه عرف كيف يتصرف معه.
أقول: الذي جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري أن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قام في صَلَاةٍ وَقُمْنَا معه، فقال أَعْرَابِيٌّ وهو في الصَّلَاةِ: اللهم ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ... الحديث، ولم أقف على رواية ذكر فيها أن الأعرابي قال ذلك بعد الرفع من الركوع كما نقل الدكتور العريفي.
¥