تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأمر الآخر أن المؤلف جعل بول الأعرابي سابقا على صلاته ودعائه المذكور، وجعل سبب تخصيص الأعرابي نفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كسب قلب الأعرابي برفقه به بعد بوله، والواقع أن الروايات تفيد عكس ماذكره المؤلف أي أن دعاء الأعرابي سبق بوله. ففي سنن أبي داود عن أبي هُرَيْرَةِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دخل الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى ثُمَّ قال اللهم ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا، ثُمَّ لم يَلْبَثْ أَنْ بَالَ في نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ الناس إليه ... الحديث.

وهكذا هو عند الشافعي والحميدي وأحمد والترمذي وابن الجارود وغيرهم، ولم أجد من ذكر أن بوله سبق دعاءه كماذكر المؤلف.

ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 19: " فكان [أي عمرو بن العاص] إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق رأى البشاشة والبشر والمؤانسة، وإذا دخل مجلسا فيه النبي صلى الله عليه وسلم رأى الاحتفاء والسعادة بمقدمه، وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بأحب الأسماء إليه. شعر عمرو بهذا التعامل الراقي، ودوام الاهتمام والتبسم أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يقطع الشك باليقين، فأقبل يوما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس إليه، ثم قال: يارسول الله، أي الناس أحب إليك ".

أقول: ذكر المؤلف هذه القصة وتفصيلاتها، ولم يذكر مصدرها، وقد بحثت عن بعض ماذكره من تفصيلات في مظانها فلم أجدها. ولعله اعتمد في بعض ماذكره على مارواه الترمذي في الشمائل /285 من طريق محمد بن إسحاق عن زياد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي عن عمرو بن العاص قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك، فكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم فقلت: يا رسول الله، أنا خير أو أبو بكر؟ فقال: أبو بكر .... الحديث. وقد ذكر الألباني رحمه الله هذا الحديث في السلسلة الضعيفة ح1461 وضعفه.

والحديث في الصحيحين بسياق آخر وهو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بن الْعَاصِ على جَيْشِ ذَاتِ السلَاسِلِ قال، فَأَتَيْتُهُ، فقلت: أَيُّ الناس أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: عَائِشَةُ، قلت: من الرِّجَالِ؟ قال: أَبُوهَا، قلت: ثُمَّ من؟ قال: عُمَرُ، فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي في آخِرِهِمْ.

استطراد للفائدة

مماوقفت عليه في سبب سؤال عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه غير ماذكره الدكتور العريفي مايلي:

1 - ماجاء في رواية ابن أبي شيبة في مصنفه 11/ 108 أن عمرا علل ذلك بقوله:"لنحب من تحب".

وكذلك ماجاء عن ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/ 103، ففيه قول عمرو:"يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: لِمَ، قال: لأحب من تحب "، ومثله عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان 10/ 404)، وكذلك ماجاء عند الطحاوي في مشكل الآثار 13/ 328، ففيه قول عمرو:"أي الناس أحب إليك فأحبه".

2 - مارواه البيهقي في دلائل النبوة 4/ 401 عن عمرو بن العاص قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذي السلاسل، وفي القوم أبو بكر وعمر، فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده، فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ الحديث.

وأما سبب تأمير النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على تلك السرية وفيها أبوبكر وعمر فروى ابن أبي شيبة أن أبابكر الصديق قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: دعه فإنما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا لعلمه بالحرب. وسنده ضعيف لانقطاعه كما قال ابن حجر في المطالب العالية 10/ 80.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير