تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد بحثت عن هذه القصة فلم أجد من ذكرها، ولم يذكر المؤلف مصدرها، والقصة المشهورة عن عمر في هذا الباب مارواه عبدالرزاق بسنده عن عبد الرحمن بن عوف أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب فبينا هم يمشون شب لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه حتى إذا دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر - وأخذ بيد عبد الرحمن -: أتدري بيت من هذا؟ قال: لا، قال: هو ربيعة بن أمية بن خلف، وهم الآن شرب، فما ترى؟ قال عبد الرحمن: أرى قد أتينا ما نهانا الله عنه، نهانا الله فقال {ولا تجسسوا}، فقد تجسسنا، فانصرف عنهم عمر، وتركهم (مصنف عبد الرزاق 10/ 231).

ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 325 فقال: وصدق أبوبكر لما قال: ماشيء أحوج إلى طول سجن من لسان.

أقول: هذه الكلمة تروى عن عبدالله بن مسعود لا أبي بكر رضي الله عنهما. وممن رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 320 بسنده عن عبدالله بن مسعود أنه قال: والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وكذلك أخرجه أبوداود في الزهد، وابن أبي عاصم في الزهد، وابن أبي الدنيا والطبراني، وأبونعيم، وغيرهم.

ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 85 فقال: كان عمر رضي الله عنه مشهورا بين الناس بقوته وصرامته. وفي يوم من الأيام اختلف رجل مع زوجته، وجاء يسأل عمر كيف يتعامل معها فلما وقف عند بيت عمر ومد يده ليطرق الباب سمع زوجة عمر تصرخ به، وعمر ساكت لم يصرخ لم يضرب فولى الرجل ظهره للباب وكر راجعا متعجبا. وذكر المؤلف قول عمر للرجل: إنها امرأتي حليلة فراشي وصانعة طعامي وغاسلة ثيابي أفلا أصبر منها على بعض السوء.

أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، وهل هي ثابتة عن عمر رضي الله عنه أو لا. وهذه القصة يكثر ذكرها على ألسنة كثير من الدعاة وفي المجالس والمنتديات، ولم أجد من ذكر لها إسنادا، أو حكم عليها بالثبوت، وإنما تذكر في بعض الكتب من باب الحكايات من غير إسناد، وأقدم مصدر لهذه القصة وقفت عليه هو كتاب تنبيه الغافلين للسمرقندي المتوفى سنة 373 هـ، فقال في ص 242:

وَذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى عُمَرَبن الخطاب يَشْكُو إليه زوجته فَلَمَّا بَلَغَ بَابَهُ سَمِعَ امْرَأَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ تَطَاوَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: إنِّي أَرَدْت أَنْ أَشْكُوَ إلَيْهِ زَوْجَتِي، وَبِهِ مِنْ الْبَلْوَى مِثْلُ مَا بِي، فَرَجَعَ، فَدَعَاهُ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه فَسَأَلَهُ فقال: إني أردت أن أشكو إليك زوجتي فلما سمعت من زوجتك ماسمعت رجعت، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه: إنِّي أَتَجَاوَزُ عَنْهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ: أولها: أَنَّهَا ستر بَيْنِي وَبَيْنَ النَّارِ فَيَسْكُنُ بِهَا قَلْبِي مِنْ الْحَرَامِ.والثَّانِي: أَنَّهَا خَازِنَةٌ لِي إذَا خَرَجْت مِنْ مَنْزِلِي، وتكون حَافِظَة لمالي.والثَّالِثُ: أَنَّهَا قَصَّارَةٌ لِي تَغْسِلُ ثِيَابِي.والرَّابِعُ: أَنَّهَا ظِئْرٌ لِوَلَدِي.والْخَامِسُ: أَنَّهَا خَبَّازَةٌ وَطَبَّاخَةٌ لي، فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّ لِي مِثْلَ مَا لَك فَكَمَا تَجَاوَزْت عَنْهَا أَتَجَاوَزُ عَنْهَا.

وممن ذكرها ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر2/ 50 فقال:

وروي أن رجلا جاء إلى عمر رضي الله عنه ليشكو إليه خلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها، وهو ساكت لا يرد عليها، فانصرف قائلا: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف حالي! فخرج عمر فرآه موليا فناداه: ما حاجتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين،جئت أشكو إليك خلق زوجتي واستطالتها علي، فسمعت زوجتك كذلك، فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي! فقال له عمر: يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي؛ إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي، وليس ذلك بواجب عليها، ويسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أحتملها لذلك فقال الرجل: يا أمير المومنين وكذلك زوجتي. قال: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير