تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبالطبع فإن هذه الرسالة موجهة إلى غير المسلمين وطريقة الخطاب فيها تراعي حال المخاطبين من أهل الكتاب، كما أمرنا الله تعالى في قوله: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].

فينبغي على القارئ لها أن يستحضر هذا الأمر، ولا ينظر إليها بوصفها رسالة إلى علماء المسلمين في بيان عقيدة المؤلف! هذا أولاً

وأمّا ثانيًا؛ فهذه الرسالة المطبوعة إنما هي الترجمة العربية للنص الفرنسي المترجم عن الأصل العربي!

فيجب على القارئ لها أن يدرك أنّ الألفاظ التي صيغت بها ليست من إنشاء المؤلِّف (الأمير) وإنما هي ألفاظ المترجِم لها من الفرنسية، وكذلك المعاني هي ما فهمه المترجِم من النص الفرنسي!

وكذلك يجب أن يدرك أنّ النص الفرنسي أيضًا صِيْغَ على النحو الذي فهمه المترجم الفرنسي من النص العربي!

إذن نحن أمام نصّ تعرّض لشيء من التشويه عندما تُرجِمَ من العربية إلى الفرنسية وكذلك عندما تُرجِمَ من الفرنسية إلى العربية!!

ليس هذا فحسب وإنما يجب على القارئ أن يعلم أنّ النص الفرنسي الموجود هو نصٌّ محرّف!! والفرنسيون يخفون الأصل العربي الذي كتبه الأمير بخطّه، ولا يروّجون إلاّ للنص الفرنسي أو النص العربي المترجم عن الفرنسي.

وهذا الذي أقول ليس ظنًا أو تخمينًا، وإنما عندي دليل عليه. فقد ذكر محمد باشا في كتابه (تحفة الزائر) قصة هذه الرسالة فقال: ((إنّ علماء باريس تذاكروا في علماء الإسلام المشاهير، وانتهى بهم الحديث إلى ذكر الأمير ومؤلفاته التي اتصلت بأيديهم ومواعظه التي كان يلقيها على من يجتمع به منهم، وأجوبته على أسئلتهم التي كانوا يبعثونها إليه، فوقع اتفاقهم على أن يثبتوا اسمه في ديوان العلماء من كلِّ أُمّة وملّة من أهل القرون الماضية، فأثبتوه وكتبوا إليه يخبرونه بذلك فكتب إليهم رسالةً ضمّنها علومًا جمّة ذَكرَ في خطبتها ما نصّه: (((الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين، ورضي الله تعالى عن العلماء العاملين، أمّا بعد: فإنه بلغني أنّ علماء باريس كتبوا اسمي في ديوان العلماء، ونَظَموني في سلك العظماء، فحمدت الله على ستره عليَّ حتى نظر عباده بالكمال إليّ؛ وقد أشار عليَّ بعض المحبين منهم أن أكتب إليهم بعض الرسائل، فكتبتُ هذه العجالة، وسميّتها "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" ورتبتها على مقدمة وثلاث أبواب ... إلخ))).انتهى

هذا هو الأصل العربي الذي افتتح به الأمير رسالته، وللأسف ليس لدينا إلاّ هذا الجزء الذي نقله محمد باشا. وإذا قارناه بما كُتبَ في الرسالة المطبوعة باللغة العربية المترجمة عن الفرنسية وجدنا أنه حتى في هذه الافتتاحية الصغيرة (خمسة أو ستة أسطر) وقع حذفٌ وزيادة وتحريف للنص الأصلي!!

وإليكم النص المطبوع والمنشور (المحرّف): (() الحمد لله ربّ العالَمين. ورضي الله تعالى عن العالِمين. أما بعد: فإنه بلغني أن علماء بريز. وفّقهم العليم الحكيم العزيز. كتبوا اسمي في دفتر العلماء. ونظموني في سلك العظماء. فاهتززت لذلك فرَحا. ثم اغتممت ترَحا. فرِحت من حيث ستر الله عليّ. حتى نظر عبادُه بحسن الظن إليّ. واهتممت من كون العلماء استسمنوا ذا ورم. ونفخوا في غير ضرم. ثم أشار عليّ بعض المحبين منهم بإرسال بعض الرسائل إليهم. فكتبتُ هذه العجالة للتشبه بالعلماء الأعلام. ورميت سهمي بين السهام.

فتشبهوا إن لم تكونوا منهمُ ***** إن التشبه بالكرام رباحُ

وسميتُ هذه الرسالة (ذكرى العاقل. وتنبيه الغافل) ورتبتها على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة ... إلخ ()). انتهى

إنّ كل قارئ يقظ وسليم الصدر، سيرى بوضوح الفوارق الكثيرة بين النصين (الأصلي والمحرّف)!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير