تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيًا؛ ترجمة السيد محيي الدين بن مصطفى (والد الأمير)، قال عنه العلاّمة جمال الدين القاسمي: ((كان عالماً زاهدًا عابدًا مربيًا صوفيًا تشدّ إليه الرِّحال، ذا أُبّهة وصولة وعظمة، وقد كساه الله تعالى من الهيبة والعظمة عند أهل إقليم الجزائر ما لم يتفق لغيره، وكان مقصوداً لقضاء الحوائج الدينية والدنيوية .. )). انتهى من كتاب (تعطير المشام).

وقال عنه الشيخ عبد الرزاق البيطار: ((هو الشيخ العالم العامل، والفرد الأوحد الفاضل، بقيّة السلف .... العفيف الحسيب والشريف النسيب .. )).انتهى انظر (حلية البشر).

ومما قاله فيه الأستاذ المهدي البوعبدلّي في بحثه بعنوان " وثائق أصيلة تُلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر" نُشِرَ في مجلّة الثقافة التي تصدرها وزارة الثقافة الجزائريّة وفي عددها الخاص بالذكرى المئويّة لوفاة الأمير عبد القادر العدد 75 رجب وشعبان 1403 أيار ماي 1983

((" ... وهناك وثائق من بينها مرثيّة لأحد تلامذة الشيخ محيي الدين، ضمّنها الفنون التي كان يدرّسها الشيخ محيي الدين بمعهد القيطنة، التي أسسها والده السيد مصطفى بن المختار الذي كان بدوره أمثلَ فقهاء عهده وأدبائه، وقد تركَ عدّة رسائل بخطّه. وهي تعطينا صورة حقيقيّة عن ثقافة السيد محيي الدين، وتُبيِّن أنّ معهد القيطنة لم يقتصر على تعليم القرآن ومختصر خليل، بل كانت تدرس فيه فنون كالتفسير والحديث وعلوم اللغة، وصاحب هذه المرثيّة هو العالم المحدّث الشيخ محمد بن معروف الونشريسي المتوفى في تونس سنة 1265هـ كما ذكرَ ذلك تلميذه علي بن الحاج موسى إمام ضريح الثعالبي بالجزائر في عهده، وقد هاجر من الجزائر بعد الاحتلال وكان الأمير كلّفه بترشيح القضاة بناحية "شْلف" و " ونشريس " وقد عثرنا على وثائق تُثبت ذلك، وهذه بعض الأبيات من المرثيّة المذكورة:

يحقّ لجفني أن تسيلَ دموعُه * * على سيدٍ ذي حكمة وبراعة

سما وارتقى وسادَ أهل زمانِه * * بذا يشهدُ العدول كالمستفيضة

إلى أن قال:

ترى كتُبَ ابن حاجب وخليلنا * * وألفيّة ابن مالك مع غنية

وسعد وسلّم وجمع جوامع * * وتفسير ما يتلى كتاب وسنُّة

يقولون: من لنا بكشف رموزها ** وحلّ غريب اللفظ عند القراءة

ومعرفةِ الصحيح من ضده إذا * * تعارضت الآثار من غير ميزة

إلى أن قال:

فيا أسفي على ربيع قلوبنا ** مزيل الصدا عنها بعلم وحكمة

ويا أسفي على خليفةِ مالكٍ ** إمامنا محيي الدين شيخي وقدوتي

وُلِدَ رحمه الله سنة تسعين ومئة وألف وتوفّي يوم الأحد سنة تسع وأربعين ومئتين.

هذه ترجمة مختصرة لوالد وجدّ الأمير، وأمّا تراجم باقي آبائه وأجداده المذكورين في سلسلة نسبه الإدريسي الحسني، فهي مثبتة في كتب التواريخ والتراجم وغيرها، وقد جمعتُها في كتاب أُعِدُّه للتعريف برجال وأعلام أسرة الأمير عبد القادر، وكذلك أبحث فيه السيرة الذاتية للأمير بحثًا تاريخيًا، وأتعرّض فيه للشبهات التي أثيرت حوله، وما هذه الحلقات إلاّ اختصار لبعض مباحث هذا الكتاب، وأسأل الله أن ييسر لي إتمامه قريبًا.

وما ذكرته في هذه الحلقة من تراجم ونقول إنما هو بيانٌ يوضِّح بعض الحقائق؛ حتى تكون الصورة كاملة عند القارئ، وفيه فوائد تاريخية.

ولكن الأمر العجيب حقًا هو قول الكاتب واصفاً نهاية جهاد الأمير عبد القادر (الأمير الشرعي للجزائر) المبايع من قبل الشعب الجزائري، والذي دام 17 عاماً، بقوله ((نهاية الحركة القادرية))!!!

سبحان الله! ماذا سيُفهم من هذا العنوان؟

ومن أين أتى بهذا الوصف؟ ومن سلفه فيه؟ وما هي مراجعه ومصادره؟

الذي يُفهم منه أنّ الكاتب سمّى قيادة الأمة والبيعة للأمير وحمل راية الجهاد بالحركة القادرية!! وعدَّ نهاية الحرب بأنها نهاية للحركة القادرية!!

والذي يُفهم من كلامه أنّ جهادَ الصليبيين المعتدين، وجمع كلمة المسلمين والقيام بشؤون الدولة الإسلامية إنما هي تعاليم الطريقة القادريّة فحسب! ولذلك فإنّ الأمير لمّا أُسقط في يديه وحوصر واضطر إلى التسليم، انتهت بذلك الحركة القادرية وانتهت أطول وأعنف مرحلة كفاح عسكري تعرّض لها الفرنسيون في الجزائر. وهذا حقًا؛ كلام عجيب!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير