تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: وهذا الكلام فيه إنصاف بخلاف كلام التميمي، إلاّ أنه غير دقيق. أولاً للأمير أربعة إخوة في دمشق وليس اثنان. ثانيًا ما كان ينفقه الأمير شهريًا كمرتبات ثابتة للعلماء والمشايخ وأعمال الخير أكبر بكثير من إنفاقه على أسرته وموظفيه. وعندي وثيقة نادرة، وهي المخطوط الخاص بالنفقات الشهرية للأمير، وهو بخط كاتبه الخاص وفيه بيانات تفصيلية وبأسماء الأشخاص أيضًا تُثْبت ما أقول.

ويتابع الأخ كاتب (فك الشفرة) مسلسل الاتهامات فيقول:"و عندما قرر الأمير أن يقوم ببعض الإصلاحات على الدارين اللتين سلمتهما له الإدارة العثمانية في الشام ـ بعد أن قامت بتأثيثهما ـ ألحَّ الأمير لدى وزير خارجية فرنسا والسفير الفرنسي باستانبول للقيام بتدخلات لدى الحكومة العثمانية في تمليكه للدارين، لأنهما محتاجان إلى الإصلاح والزيادة ولايمكن اصلاحهما قبل استملاكهما، ـ كما ألح على السفير نفسه للتوسط لدى الدولة العثمانية للحصول على مبلغ مالي من الحكومة العثمانية لذلك، وقد قدمت له الدولة العثمانية مبلغاً قدره ألف بورسه، أي 100.000 فرنك. وكان ذلك المبلغ يساوي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي قرر أن يشتري به مسكنا".انتهى

وأقول: كُل هذا الكلام غير صحيح، والمراجع التاريخيّة التي تحدثت عن أملاك الأمير في دمشق تذكر خلاف هذا الكلام. والكاتب لم يُبيّن مصدر هذا الكلام المتناقض!

إنّ الدولة العثمانية استأجرت للأمير دار عزّت باشا الرئيس لينزل فيها وقتيًا، وبعد ذلك أصدرت الدولة العليّة أمرها إلى والي الشام ليساعد الأمير في اختيار دارٍ لإقامته الدائمة تكون لائقة به، فوقع اختيار الوالي والأمير على دارٍ، فاشتراها الأمير من ماله الخاص (وكان السلطان قد أنعم على الأمير عند رحيله إلى دمشق بألف كيس ذهبي بدلاً من الدار التي كان أهداها إليه في بروسة) وكان المكان الذي وقع عليه الاختيار مؤلفًا من دارين واسعتين بينهما دار صغيرة (في زقاق النقيب ـ نقيب الأشراف ـ بالعمارة وكان أصل تلك الدار لآل القباقيبي).

وبعد شراء المكان أُصلِحت الداران وجُهِّزَتا، وانتقل إليها الأمير وترك الدار التي استأجرتها له الدولة العثمانية. وكانت ضيافة الأمير وعائلته في ولايتي بيروت ودمشق جارية من الولايتين بأمر الدولة العليّة!! وكان السلطان العثماني قد خصص لأفراد الأسرة مرتبات شهريّة. [انظر تحفة الزائر 2/ 66، وغيرها من المراجع]

وهذا يُظهر بكل جلاء بطلان الكلام الذي ساقه الكاتب.

وللعلم فإن أثمان البيوت في ذلك الوقت كانت أقل بكثير مما يظن الكاتب أو صاحب ذلك الكلام.

وأمّا التهمة الجديدة فهي ادّعاؤه أنّ الأمير كان يطلب وساطة وزير الخارجيّة الفرنسي والسفير الفرنسي في اسطنبول للحصول على المال من السلطان!!!!

وهذا قلبٌ للحقائق، فالأمير كان محلّ عناية وتكريم واهتمام السلاطين العثمانيين الذين عاصرهم، والرسائل المتبادلة بينهم لهي من الأدلّة على شدة صلته بهم وشدة حبّهم له.

وأعجب من ذلك إصرار الكاتب على إيهام القرّاء بأن صلة الأمير بفرنسا كانت أشد من صلته بالدولة العثمانية!!

يقول محمد باشا: ((إنّ الأمير جاء إلى القسطنطينية منفيًا سنة 1269هـ/1853م، وبعد وصوله إليها دُعيَ للاجتماع بحضرة السلطان الغازي عبد المجيد خان فتشرّف بلقائه، ورحّب به السلطان وأحسن السؤال عن أحواله وشَكَرَه على ما كابده في الدفاع عن الدين والوطن، وحَمِدَه على صبره على ما قاساه أيام احتجازه عند الفرنسيس، ومدح الإمبراطور نابليون الثالث على وفائه بالعهد والقيام بشأنه، وكان السلطان غاية في التلطف والتعطف ولين الجانب، وكان بصحبة الأمير رفيقاه في الجهاد السيد قدور بن علال وخادمه قره محمد. وكان الإمبراطور نابليون الثالث طلبَ من السلطان عبد المجيد كفالة عن الأمير!! (وذلك عندما قرر إطلاق سراح الأمير وإرساله إلى اسطنبول)، فعقد السلطان جلسة خاصة للمذاكرة في شأن الكفالة فقال شيخ الإسلام عارف حكمت بك للسلطان: "إذا لم تكن لمولانا السلطان حسنة مع كثرة حسناته إلاّ هذه لكفى أن يكفل هذا الرجل المجاهد وينقذه من الأسر"، فحينئذ أجاب السلطان له بالكفالة)).انتهى [انظر تحفة الزائر 2/ 51ـ53]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير