تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الهلال. ملخصًا عن مقالة للمستر كرابيتس القاضيالأمريكي في المحاكم المختلطة نشرها في مجلة "آسيا"]

وسبق أن عرض الفرنسيون مشروع القناة على محمد علي فلم يقبل به (خشية طغيان الماء على البلاد)، وبعد سقوط حكم نابليون وعودة أسرة دوليسبس إلى فرنسة عانت الفقر والضعف. وعندما وصل الأمير سعيد باشا إلى سدّة الحكم وصار خديوي مصر، أسرع فردينان دوليسبس وسافر إلى مصر والتقى بصاحبه القديم الأمير سعيد وعرض عليه مشروع شق قناة سويس، فما كان من الخديوي سعيد إلاّ أن وقّع وثيقة امتياز حفر القناة لدوليسبس وذلك سنة 1854م! (الأمير عبد القادر كان في ذلك الوقت مقيمًا في تركية بعد سنة من إطلاق سراحه). وبعد ذلك بسنوات أقرَّ السلطان العثماني الامتيازَ الممنوح لدوليسبس.

وبكلامٍ جامع يقول المؤرّخ الكبير محمود شاكر: ((وما إن تولّى ـ محمد سعيد ـ حتى عرضَ عليه صديقه المهندس الفرنسي فرديناند دولسبس مشروع قناة السويس فأعطاه امتياز ذلك، ودولسبس ابن قنصل فرنسة في الإسكندريّة وصديق محمد سعيد منذ الطفولة، غير أن هذا المشروع قد لقيَ معارضةً واسعة من قِبل الدولة العثمانية على اعتبار أن مصر ولاية منها، وشجّع على ذلك الرفض الإنكليز الذين يخشون من النفوذ الفرنسي في مصر، على حين تريد فرنسة بحصولها على هذا الامتياز أن يزداد نفوذها وتصبح المشرفة على طريق الهند. إلاّ أنّ نابليون الثالث إمبراطور فرنسة قد أيّد هذا المشروع بصورة تامّة، ومشى وراءه بكل إمكاناته، وحصل في النهاية على موافقة الخليفة)).انتهى [التاريخ الإسلامي 8/ 498]

والعجيب في كلام الأخ صاحب (فك الشفرة) أنّه جعل مشروع شق القناة تهمةً لأنّه كان سببًا في رأيه للغزو الإنكليزي!!

مع العلم أنّ سبب التدخل الأجنبي في شؤون الحكم بمصر، والذي تلاه فيما بعد الغزو البريطاني،لم يكن بسبب القناة وإنّما كان سببه تبذير وضخامة الإنفاق من الخزينة، الذي مارسه الخديوي إسماعيل، وبدأ بالاستدانة من البنوك الغربية بفوائد ربوية فاحشة، واضطر إلى بيع أسهم مصر من القناة فاشترتها إنكلترا، وأصبح لها النفوذ القوي في مصر وازدادت الديون على مصر، وبدأت الدول الأوربيّة تطالب بديونها، فبدأ التدخل الإنكليزي بشؤون الحكم في مصر إلى أن انتهى بالغزو والاحتلال. [راجع تفاصيل الموضوع في التاريخ الإسلامي الجزء الثامن من ص500 إلى ص507].

وبفَرْض أنّ الأمير عبد القادر توسّط عند السلطان للقَبول بهذا المشروع، فلماذا يرى البعض أن ذلك أمرٌ قبيح أو تهمة؟!

مصر كانت ولاية عربية مسلمة يحكمها مسلمون تابعون للسلطان العثماني، فما المانع من إقامة مشروع قناة سويس الذي سيحسّن أوضاع تلك البلاد ويدرّ عليها المال؟! وهل إذا طمع الأعداء فيها بسبب مزايا تلك القناة، يعني عدم صحّة الشروع بها؟! لقد غزت الجيوش الفرنسية مصر واحتلتها قبل شق تلك القناة، ثم تحررت البلاد ورجعت إلى أهلها، وبعد ذلك غزتها الجيوش البريطانية، وعادت وتحررت، ومن حينها إلى اليوم مصر تنعم بالوارد المالي الضخم الذي تدرّه عليها تلك القناة، وتتبوّأ مكانةً عالمية مميزة بسبب ذلك.

على كل حال إن أوّل من تحقق على يديه شق قناة تصل بين البحر المتوسط والبحر الأحمر هو سنوسرت الثالث أحد فراعنة السلالة الثانية عشر (2000ـ1800 قبل الميلاد)، ولمّا حكم ملك الفرس داريوس مصرَ سنة 510 قبل الميلاد أدخل على تلك القناة تحسينات كبيرة، وفي سنة 285 قبل الميلاد أعاد حفر القناة كلها بطلميوس الثاني، وفي سنة 98 قبل الميلاد أعاد الرومان استعمال القناة بعد أن أُهملَت في أواخر عهد البطالسة. [الموسوعة العربية 11/ 364]

وأمّا في عهد المسلمين فتذكر الموسوعة العربية أنه: ((لمّا فتح العرب المسلمون مصر، ووُلِّي عليها عمرو بن العاص (641ـ644م)، خطر له أن يحفر قناة تصل مباشرة بين البحرين المتوسط والأحمر، وتشقّ السهل المنبسط القليل الارتفاع، الممتد جنوبي "فرما"، وهي مدينة كانت قائمة على مقربة من موقع بور سعيد الحالي. ولكن الخليفة عمر بن الخطّاب عارض هذا المشروع، إذ جاء من يُنبّهه إلى أنّ شق البرزخ يُعرّض مصر كلها لطغيان مياه البحر الأحمر، فأمر الخليفة بالاكتفاء بإعادة قناة الرومان القديمة، لكي يتسنّى للسفن السفر إلى الحجاز واليمن والهند،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير