تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما يقعُ إثم الافتراق وتبعاته على من أحدث واحداً من موجبي الافتراق وضابطيه هذين، ولا يؤخذ بتبعة ذلك كلُ من حدث ببينهم هذا الافتراق.

6 - فيا أيها الذين أمنوا إن الاختلاف في تمييز الحق وتفسير مراد الله من عباده سنة كونية، وقد ثبت لكم ولمخالفيكم عقدُ الإسلام وظاهر الالتزام بحدود الإيمان،وهذا من أعظم موجبات حصول ائتلاف القلوب، ولا يجوز أن يُضيع هذا الائتلاف العظيم بخلاف الرأي في العلميات أو العمليات، وإنما تُوزن كل مسألة بحسبها، ولا يُزيل ألفة القلب إلا الكفر البواح والخروج عن شريعة الإسلام، أما ما دون ذلك فرتب ودرجات ليسوا سواء ..

وسبيل العدل .. واتقاء البغي في ذلك يتضح بأصول:

الأصل الأول: أن يُعلم أن كل من استفرغ وسعه في طلب الاجتهاد وأدواته في مسألة من مسائل العلم جلت أو دقت،في العلميات أو العمليات؛فأخطأ =فهو مغفور له خطأه مأجور على اجتهاده واستفراغه وسعه، وأنه لا يُتَّبَع في خطأه،ولا يُتْبَع ويُحط عليه بسبب خطأه.

قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)): ((وَالْخَطَأُ الْمَغْفُورُ فِي الِاجْتِهَادِ هُوَ فِي نَوْعَيْ الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ)).

وقال: ((بل يضل عن الحق من قصد الحق وقد اجتهد فى طلبه فعجز عنه فلا يعاقب وقد يفعل بعض ما أمر به فيكون له أجر على اجتهاده وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له.

وكثير من مجتهدى السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا انه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها وإما لرأى رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم)) 19/ 191.

وقال شيخ الإسلام: ((والتكفير هو من الوعيد فإنه وان كان القول تكذيباً لما قاله الرسول؛ لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة.

وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً)) (الفتاوى 3/ 231).

ويقول الشيخ عمن خالف ما في عقيدته الواسطية: ((وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الِاعْتِقَادِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَالِكًا فَإِنَّ الْمُنَازِعَ قَدْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا يَغْفِرُ اللَّهُ خَطَأَهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ الْمُتَنَاوَلَةُ لَهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا الْمُتَأَوِّلُ وَالْقَانِتُ وَذُو الْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَغْفُورُ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ: فَهَذَا أَوْلَى، بَلْ مُوجِبُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ نَجَا فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ وَمَنْ اعْتَقَدَ ضِدَّهُ فَقَدْ يَكُونُ نَاجِيًا وَقَدْ لَا يَكُونُ نَاجِيًا كَمَا يُقَالُ مَنْ صَمَتَ نَجَا)).

وانظر: ((مجموع الفتاوى)) (1/ 113،12)، (4/ 501)، (5/ 306)،و ((جامع المسائل)) (3/ 151)،و ((الدرر السنية)) (10/ 93 - 95).

الأصل الثاني: الواجب أن يكون أعظم اشتغال العلماء والدعاة والمصلحين بنقض المقالات الباطلة، وأن يضيقوا مجاري الكلام في طلب الحكم على أعيان وأشخاص القائلين بالباطل؛إذ أغلب أبواب الحكم على الأعيان مزلة أقدام، ولا يكاد يسلم المتكلم فيها من الخرص والتخمين وتقدير مالم يكن، ولا يعني ذلك هجر باب الحكم على الأعيان بالكلية وإنما الغرض تضييق مجاريه وحصر وتقليل من يجوز لهم الكلام فيه.

قال شيخ الإسلام: ((وقد تنازع الناس هل يمكن مع الاجتهاد واستفراغ الوسع أن لا يبين للناظر المستدل صدق الرسول أم لا

وإذا لم يبين له ذلك هل يستحق العقوبة في الآخرة أم لا

وتنازع بعض الناس في المقلد منهم أيضا والكلام في مقامين

المقام الأول: في بيان خطأ المخالف للحق وضلاله وهذا مما يعلم بطرق متعددة عقلية وسمعية وقد يعرف الخطأ في أقوال كثيرة من أهل القبلة المخالفين للحق وغير أهل القبلة بأنواع متعددة من الدلائل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير