قال شيخ الإسلام: ((وَأَمَّا مَنْ أَظْهَرَ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ فَإِنَّهُ تُدْفَعُ مَضَرَّتُهُ وَلَوْ بِعِقَابِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَاسِقًا أَوْ عَاصِيًا أَوْ عَدْلًا مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا بَلْ صَالِحًا أَوْ عَالِمًا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ وَالْمُمْتَنِعُ .. وَكَذَلِكَ يُعَاقَبُ مَنْ دَعَا إلَى بِدْعَةٍ تَضُرُّ النَّاسَ فِي دِينِهِمْ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا فِيهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِاجْتِهَادِ أَوْ تَقْلِيدٍ)).
ويقول: ((وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَعُقُوبَةُ الدُّنْيَا غَيْرُ مُسْتَلْزَمَةٍ لِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ وَلَا بِالْعَكْسِ. وَلِهَذَا أَكْثَرُ السَّلَفِ يَأْمُرُونَ بِقَتْلِ الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ الَّذِي يُضِلُّ النَّاسَ لِأَجْلِ إفْسَادِهِ فِي الدِّينِ سَوَاءً قَالُوا: هُوَ كَافِرٌ أَوْ لَيْسَ بِكَافِرِ)).
4 - فإذا جاز إطلاق الأسماء عند أمن اللبس ..
وعُلقت الأحكام الدنيوية على ما ذكر ..
وعُلقت الأحكام الباطنة الأخروية على ما ذكر ..
لم يَجُز –بعد مراعاة ما تقدم- البغي ولا تعدي حدود ما أمر اللهُ به، ووجب أن يكون مع ما تقدم من إحقاق الحق =رحمة بالخلق، فلا تضيع الألفة والمحبة التي ثبتت لهذا المخالف الذي تلبس بالشرك أو البدعة أوالمعصية بعقد الإسلام السابق الذي لم يُنقض بالأحكام الدنيوية ولم يوقف على نقضه في الأحكام الأخروية، ثم لا تضيع الألفة التي ثبتت لهذا المخالف وزادت بعد الإسلام بآلاف المسائل التي وافق فيها الحق وأهله ..
قال شيخ الإسلام: ((وَمَنْ لَمْ يَعْدِلْ فِي خُصُومِهِ وَمُنَازَعِيهِ وَيَعْذُرْهُمْ بِالْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ بَلْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً وَعَادَى مَنْ خَالَفَهُ فِيهَا أَوْ كَفَّرَهُ فَإِنَّهُ هُوَ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ؛ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فَلَا يَبْتَدِعُونَ. وَمَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ خَطَأً يَعْذُرُهُ فِيهِ الرَّسُولُ عَذَرُوهُ)).
الأصل الرابع: أنه إذا استوفي ما ذُكر في الأصل السابق وجب أن يُوزن الحب والبغض بميزان عدل تام لا يجور ومما يجب مراعاته فيه:
1 - لا يُسوى بين ما يجوز فيه حصول بعض البغض للمخالفة كمسائل الخلاف غير السائغ،وبين ما لا يُجوز حصول أدنى درجة من البغض كمسائل الخلاف السائغ، وما كان فيه تأويل سائغ.
2 - لا يُسوى في البغض بين من خالف الحق لعناد وهوى أمكن الوقوف عليهما وبين غيره.
3 - أن يكون محل البغض فيمن لهم أعذار ظاهرة هو نفس التلبس بالباطل والوقوع فيه، وما كانت هذه سبيلة لم يثلم الألفة والمحبة الثابتة بحق الإسلام وحق الموافقة على مسائل أخرى من الصواب،وحق رعاية حسن قصد المجتهد المخطئ ..
4 - أن يُفرق بين الداعية إلى الباطل وغيره.
5 - أن يُفرق بين من أقيمت عليه الحجة ومن لا.
6 - أن يفرق بين من كان في مكان وزمان طمست فيه آثار الرسالة وقلت فيه دعاة الحق ومن لا.
7 - وجوب التفرقة بين خطأ من عرف عنه اتباع معتقد أهل السنة وسيره على أصولهم في التلقي والاستدلال وبين غيره ممن لم تكن هذه حاله.
8 - ثم ينظر بعد كل ذلك كم للمخالف من موافقات توجب الألفة والمحبة وتزيد على الألفة الأصلية الثابتة بحق الإسلام ووزن ذلك بما أخطأ فيه ..
يقول الشيخ: ((وأهل السنة والجماعة، يقولون مادل عليه الكتاب والسنة والإجماع: وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله: الثواب على حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته؛ فإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه، وما يُعاقب عليه، وما يُحمد عليه، وما يُذم عليه، وما يُحَبّ منه، وما يُبْغّض منه؛ فهذا وهذا)).
¥