تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أجلاهم عمر، وعادت كسائر بلاد الإسلام، فهذا حكم أمصار العرب، وإنما نرى أصل هذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"

القسم الثاني: وأما القسم الذي ملكه أو فتحه المسلمون من أرض الكفار عنوة أي بالقوة، فقد اختلف أهل العلم في جواز عقد الإمام الذمة لهم مع إبقاء معابدهم التي وجدت قبل الفتح بأيديهم، "فمنهم من قال: لا يجوز تركها بأيديهم بل يملكها المسلمون يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه، ومنهم من قال: يجوز إقرارهم فيها إذا اقتضت المصلحة ذلك، كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر فيها، وكما أقر الخلفاء الراشدون الكفار على المساكن والمعابد التي كانت بأيديهم.

ومنهم من قال: يخير الإمام بين الأمرين بحسب المصلحة، قال ابن تيمية: "وهذا قول الأكثرين، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه، وعليه دلت سنه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حيث قسم نصف خيبر وترك نصفها لمصالح المسلمين"

القسم الثالث: وأما القسم الذي صولح عليه أهله فهو على ما صولحوا عليه، فإن صولحوا على إبقاء معابدهم المتقدم بناؤها بأيديهم بقيت بأيديهم ولا يجوز انتزاعها منهم بعد ذلك من غير سبب يوجبه كنقضهم للعقد، وإن صولحوا على جواز أن يحدثوا كنيسة إذا احتاجوا إليها فينبغي الوفاء لهم بما صولحوا عليه

"وما فتح صلحا نوعان: أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها فلهم إحداث ما يحتاجون فيها لأن الدار لهم، والثاني: أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا فالحكم في البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم من إحداث ذلك وعمارته".

وفي جميع الأحوال المتقدمة فإنه لا يجوز إحداث كنيسة أو بيعة أو معبد من معابد المشركين في أرض المسلمين، إلا أن يكونوا في قرية يسكنونها منفردين وصولحوا على جواز إحداث كنيسة أو بيعة، أو أن الصلح بين المسلمين والمشركين تم على أن تكون ملكية بلادهم باقية في أيديهم وللمسلمين خراجها، أو يصالحهم على مال يبذلونه-وهي الهدنة-فحينئذ يمكنهم إحداث ما أرادوه واحتاجوا إليه، ولا يمنعون منه لأن الدار دارهم، وأقوال أهل العلم من المذاهب المتعددة تكاد تتطابق في أحكام هذا الباب ولا يوجد خلاف بينهم إلا في بعض التفاصيل التي لا علاقة لها بأصول الأحكام في هذا الباب

وقد نقل بعض الناس عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فأطلق عنه القول بجواز بناء كنيسة في بلاد المسلمين ولم يبين ما الذي أجازه أبو حنيفة، وهو بذلك يروم إلى جعل المسألة خلافية، وكأنه يقول: قد اختلف أهل العلم في ذلك ومن حقي أن أختار من كلام أهل العلم ما أراه محققا لمقاصد الشرع ونحو ذلك من الكلام، لكن بالرجوع إلى كتب الحنيفة يتبين وجه الحق في ذلك، ويظهر أنه لا خلاف بينهم وبين الجمهور في عدم جواز إحداث معابد المشركين في أمصار المسلمين، ففي فتح القدير للكمال ابن الهمام شرح الهداية للمرغيناني (مع مراعاة الاختصار لما لا نحتاج إليه في ذلك): "ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام ... وهذا في الأمصار دون القرى؛ لأن الأمصار هي التي تقام فيها الشعائر فلا تعارض بإظهار ما يخالفها،وقيل: في ديارنا يمنعون من ذلك في القرى أيضا؛ لأن فيها بعض الشعائر، والمروي عن صاحب المذهب يعني أبا حنيفة (في جواز الإحداث إنما هو) في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة،.وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها لقوله عليه الصلاة والسلام"لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" [فالمذكور جوازه عن أبي حنيفة هو ما كان في قرى الكوفة وعلل ذلك بأن أكثر أهلها أهل الذمة، مع أن من فقهاء مذهبه من يخالفه في ذلك] قال الشارح ابن الهمام في شرحه للكلام المتقدم: "وقيد المصنف عموم دار الإسلام بالأمصار دون القرى؛ لأن الأمصار هي التي تقام فيها الشعائر، فإحداثها فيها معارضة بإظهار ما يخالفها فلا يجوز، بخلاف القرى، ثم ذكر أن في قرى ديارنا أيضا لا تحدث في هذا الزمان" ثم ذكر المصنف وتبعه الشارح أن أهل الذمة لا يمكنون من نقل معبدهم من مكانه إلى مكان آخر وعللوا أن النقل إحداث لمعبد شركي في مكان لم يكن فيه، وإليك كلامهم: "غير أنهم لا يمكنون من نقلها من مكان إلى آخر؛ لأنه إحداث في الحقيقة في ذلك المكان المنقول إليه فلا يجوز"، وذكر الشارح أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير