تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت قد سألته عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه. قال: فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم، ثم صَلِّي فيه. قالت: يا رسول الله إن لم يخرج أثره؟ قال: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره.

وفي رواية: فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره.

يعني: لا يضرّك أثر الدم، والأثر هنا يشمل اللون والرائحة بعد الغَسْل.

وفي الحديث دليل على نجاسة دم الحيض.

فإذا غُسِلتْ النجاسة وبقي أثر اللون أو أثر الرائحة فإنه لا يضرّ هذا الأثر لهذا الحديث.

وهذا من يُسر الشريعة الإسلامية ومن سماحتها.

وقد كان بنو إسرائيل إذا أصاب جِلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض. رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفي رواية البخاري عنه رضي الله عنه: كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه.

أما هذه الأمّة فقد وضع الله عنها الآصار والأغلال التي كانت على الذين من قبلها، قال سبحانه وتعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ).

مسألة:

لو كَرِه المسلمُ الثوبَ الذي أصابته النجاسة، أو كرِه أن تظهر فيه آثار النجاسة بعد غسله، بحيث أراد خلع الثوب وغسله غسلا تاماً بحيث يذهب أثر النجاسة تماماً، فَلَه ذلك إلا أن يكون هذا تنطّعاً وتشديداً، فإنه يُمنع منه.

ويُقال مثل هذا في ترك الطيبات، فإن تَرَك بعضها لأنه لا يشتهيه فلا حرج، أما إذا تَرَكه تورّعاً أو تزهّداً فليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا الحديث أن للحائض أن تُصلي بملابسها التي كانت تلبسها أثناء الحيض ما لم يكن فيها نجاسة؛ لأنها باقية على الأصل، وهو الطهارة، والطهارة في ثيابها قبل الحيض يقين، فلا يزول هذا اليقين إلا بيقين مُماثِل.

بمعنى أن مُجرّد الشك في إصابة النجاسة للثوب لا تجعله نجساً.

أما لو أصاب الثوب شيء من النجاسة، فإنه يُغسل القدر الذي أصابته النجاسة ويُصلّى فيه.

ولو أرادتْ تغيير الثوب فَلَها ذلك، لكن لا تُؤمر بذلك، وإنما تُؤمر بإزالة النجاسة.

والله تعالى أعلم.

شرح منهج السالكين – 11

قال الشيخ رحمه الله:

بَابُ صِفَةِ اَلْوُضُوءِ

الشَّرح:

لما فَرَغ الشيخ رحمه الله من باب إزالة النجاسة، وبيّن الأشياء النجسة، عقد باب " صِفة الوضوء "، وذلك أن المتوضِّئ يحتاج إلى إزالة الخبث قبل رفع الْحَدَث.

فلو قضى الإنسان حاجته فإنه يجب عليه إزالة الخبث قبل الوضوء.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا علاقة بين الوضوء والاستنجاء، أي لا يلزم من أراد الوضوء أن يستنجي.

فلا يُفهم من القول بوجوب إزالة الخبث أنه يجب على من أراد الوضوء أن يستعمل الماء، وهو الاستنجاء.

فلو كان استعمل الأحجار أو المناديل في الاستنجاء والاستجمار، لم يلزمه أن يغسل الْمَحَلّ عند الوضوء.

والصحيح أن استعمال الحجارة في إزالة الْخَبَث يُطلق عليه " استنجاء ".

قال الإمام البخاري رحمه الله: باب الاستنجاء بالحجارة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أراد بهذه الترجمة الرد على من زعم أن الاستنجاء مختص بالماء، والدلالة على ذلك من قوله استنفض، فإن معناه استنجى. اهـ.

وقول الشيخ رحمه الله: صِفة الوضوء: أي صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، أو الوضوء الشرعي الذي يرفع الْحَدَث وتصحّ به الصلاة.

قال الشيخ رحمه الله:

وَهُوَ:

أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ اَلْحَدَثِ , أَوْ اَلْوُضُوءَ لِلصَّلاةِ وَنَحْوِهَا.

وَالنِّيَّةُ: شَرْطٌ لِجَمِيعِ اَلأَعْمَالِ مِنْ طَهَارَةٍ وَغَيْرِهَا ; لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ , وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشَّرح:

أي أن ينوي بوضوئه رفع الْحَدَث، فإن ابتدأ غسل أعضائه حتى انتصف في الوضوء فإنه لا يصحّ، لأنه فقد النية في ابتداء العمل.

والنية محلها القلب فلا يحتاج إلى القول بنفسه، ولا يجوز له أن يتلفّظ بالنيّة.

وإن توضأ عند حضور الصلاة، ونوى استباحة الصلاة، فإنه يكفيه عن نية رفع الحدث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير